مسرحية من
فصل واحد عن فضائل مصر
تأليف
الشيخ محمد شرف الدين الكراديسي
*************
يفتح
الستار على ........
عبدالله
يعود من المدرسة حزيناً
سَأل
الوالد ابْنَه العَائِدَ مِنَ المَدْرسةِ، وقد رأى على ملامحه سمات الحُزن..
وأماراتِ الغضب.. "مَا بِكَ يَا عَبدَالله! تبْدو مَهْمُومَاً
حَزيْناً..".
اِبتسمَ
عبدُالله ابتسامة هي أقربُ للأسَى منها للرِّضا.. فهال الأب ما رأى في عينيَّ
ابنه.. اللتين كانتا تلمعان من أثر دموع مختنقة.. ونظراتٍ حيرى..
ضمَّ الأب
ابنه في حنان..
"ما
هذا الأمر الجلل الذي يقلقك؟؟ هل من مشكلة؟ هل عجزت عن حلِّ مسألةٍ فأَغْضَبتَ
مُدرسك؟ هل نلتَ درجة ضَعيفة؟"...
ثمَّ
اسْتدْرَك قائلاً: لا يمكن.. فأنا أعرفُك مُجْتهداً.. ولنفترضْ أنْ شيئاً من هذا
حَدثَ؛ لا بأسَ عليكَ.. فسوفَ تعوّضُ تَراجعك بدرجةٍ أحسنَ مِنْها.. لا تقلق يا
ولدي..
نظرَ
عبدالله في عينيِّ أبيه.. مَسْرُوراً راضِياً.. ولكن بأسى..
وقال لأبيه
: لا.. لم يحدث من هذا شيء".
زادَ جوابُ
ابنِه قلبَه قلقاً.. "إذنْ ما الذي أهمّك وأغمَّك؟ هلْ منْ صَديقٍ أصَابه
ضرر؟ أو مِنْ حادثٍ أصابَ أحداً تعرفُهُ.. وَهَلْ...؟؟".
قاطعه
عبدالله في أدبٍ: "لا يا أبى. لمْ يحدثْ من كلِّ هذا شيءٌ..".
فقال:
"ماذا إذنْ!.. لقدْ تقطَّعَ قلبي".
هزَّتْ هذه
الكلمةُ وجْدانَ عبدالله فأنشأَ قائلاً: "سلامَةُ قلبُكِ يا أبى من كلِّ سوء
وحفظك الله لنا أنا وأخى أحمد فأنت أبينا وأمنا بعد وفاة أمنا يكفى أنك لم تأتى
لنا بزوجة أب بعد وفاة أمنا .. لقد سمعت كلاماً أحزننى .
"ماذا؟
وما هذا الذي سمعتَه وعلمتَه وسبَّب لك كل هذا السوء؟".. فصمت عبدالله .
صَاحَ الأب
وقد نَفدَ صَبْرُه وارتجفَ صَوته وأعياه القلقُ..
ثمُّ
تابع:" قلْ يا حَبيبي.. مَاذا هَنَاك؟".
فقال له
عبدالله ياأبى إننى سمعت من بعض زملائى فى المدرسة وهم يتحدثون و يذكرون مصر
بأشياء تسوؤها .
فقال له
الأب وماذا قلت لهم ؟
فقال
عبدالله وماذا أستطيع أن أقول لهم وأنت يا أبى تري ما تمر به مصر .
فقال له
الأب ياعبدالله أنت مخطئ لماذا لم ترد عليهم ، ياعبدالله إن مصر أعظم مما يتصورها
الجميع وسأحدثك عنها أنت وأخيك أحمد ليعلم الجميع من هى مصر ؟ .
فقال أحمد
حدثنا ياأبى .
فقال الأب
لأولاده دعونى أتحدث عن مصر ليعرفها من لا يعرفها ....سأتحدث عن بلد الأنبياء ،
بلد الأتقياء والأصفياء ، بلد العلم والعلماء ، بلد الجهاد والفداء بلد المآذن
والزهور الفيحاء ... إنها ياأولادى مصر أم الدنيا .
فكم لمصر
وأهلها من فضائل , ومزايا , وكم لها من تاريخ في الإسلام وخفايا منذ أن وطئتها
أقدام الأنبياء الطاهرين ومشت عليها أقدام المرسلين المكرمين والصحابة المجاهدين .
واعلم
يابنى أنت وأخيك أنه إذا ذكرت المصريين ذكرت الكعبة والبيت الحرام فإن عمر رضي
الله تعالى عنه , أرسل إلى عامله في مصر أن يصنع كسوة للكعبة المشرفة , فصنعت
الكسوة من عهد عمر رضي الله عنه وظلت كسوة الكعبة تصنع هناك في مصر سنة تلو سنة
حتى مرت أكثر من ألف سنة وكسوة الكعبة ترسل من مصر إلى مكة ولم يتوقف ذلك إلا قبل
قرابة المئة سنة .
إذا ذكرت
المصريين ذكرت الحُجاج والمعتمرين فإن البعثة الطبية المصرية كانت في الحج لسنوات
طويلة هي أبرز ما ينفع الحجاج في علاجهم يأتون من أقطار الدنيا لأجل أن يلتقوا
بهذه البعثة المصرية ..
إذا ذكرت
المصريين ذكرت الدفاع عن فلسطين وذكرت الجهاد والمجاهدين فصلاح الدين أقام بمصر
,وكثير من قواده ، وأبرز المعارك مع اليهود قادها مصريون ..
إذا ذكرت
المصريين يابنى ذكرت أمنا هاجر , ومارية القبطية وذكرت أخوال رسولنا ,وأصهار نبينا
يابنى إنها
كوكبة العصر , وكتيبة النصر وديوان القصر ، إنها مصر .
فقال عبد
الله : ياأبى حدثنا هل مصر ذكرت فى القرآن الكريم وكم مرة ذكرت ؟
فقال الأب
: ذكر الله تعالى مصر في القرآن وبين الله جل وعلا اسمها صريحا في أربعة مواضع في
كتابه , تشريفا لها وتكريما فقال الله جل وعلا (( وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْ
مِصْرَ لِامْرَأَتِهِ )) [يوسف:21] .
وقال
سبحانه (( ادْخُلُواْ مِصْرَ إِن شَاء اللّهُ آمِنِينَ))[ يوسف:99]
وقال جل
وعلا (( وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ مُوسَىٰ وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّآ لِقَوْمِكُمَا
بِمِصْرَ بُيُوتًا ))[يونس:87] .
وقال تعالى
قاص عن فرعون لما قال (( أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ )) [الزخرف:51] .
ليس هذا
فقط يابنى بل أشار الله تعالى إلى مصر ولم يصرح باسمها في 30 موضعا في القرآن
كقوله جل وعلا (( وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِّنْ أَهْلِهَا
فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلانِ )) [القصص:15] يعني:مصر .
وقوله جل
وعلا (( قَالَ الْمَلأُ مِن قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ))
[الأعراف:109]
إلى آخر هذاالمواضع .
إن مصر
يابنى هي الأرض الطيبة التي قال الله تعالى عنها لما طهرها الله تعالى من فرعون
وقومه مدح الله تعالى مصر فقال(( كَمْ تَرَكُوا مِن جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ﴿٢٥﴾
وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ ﴿٢٦﴾))[الدخان]
إن مصر
يابنى فيها خزائن الأرض بشهادة ربنا جل وعلا لما قال ليوسف عليه السلام
(( قَالَ
اجْعَلْنِي عَلَى خَزَآئِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ (55))) [يوسف]
ولم يذكر
الله تعالى قصة نهر في القرآن إلا نهر النيل قال جل وعلا : (( وَأَوْحَيْنَا إِلَى
أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ
وَلا تَخَافِي وَلا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ
الْمُرْسَلِينَ ))[القصص:7] يعني في نيل مصر .
فقال أحمد
ياأبى وهل وصى نبينا صلى الله عليه وسلم بمصر ؟
فقال الأب:
نعم يابنى لقد وصى النبي صلى الله عيله وسلم الأمة كلها بمصر وبأهلها فقال بأبي هو
وأمي [ إذا فتح الله عليكم مصر فاستوصوا بمصر خيرا فإن لهم ذمة ورحما ] .
وفي لفظ
قال :[ فإن لهم ذمة وصهرا ] رواه مسلم .
هاجر زوجة
إبراهيم عليه السلام وهي أم إسماعيل جد نبينا عليه الصلاة والسلام هي مصرية من
القبط , ومارية سرية رسول الله عليه الصلاة والسلام ,وأم ولده إبراهيم هي مصريه
أيضا , ولذلك قال عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما قال قبط مصر هم
أخوال قريش مرتين , وقال النبي عليه الصلاة والسلام [ إنكم ستفتحون مصرا أحسنوا
إلى أهلها فإن لهم ذمة ورحما ] رواه مسلم
فقال عبد
الله : ياأبى هل كل هذا الفضل لمصر ؟
فقال الأب
: ياعبدالله وأكثر ويجب عليك أن تفتخر بأنك مصرى ويجب عليك ياعبدالله أن تنادى على
كل المصريين وتقول لهم بكل فخر واعتزاز .... أيها المصريون :
الإسلام
فيكم وجد أعياده.. وكنتم يوم الفتح أجناده..
وكنتم عام
الرمادة مداده..وأحرقتم العدوان الثلاثي وأسياده..
وحطمتم خط
بارليف وعتاده.. وكنتم يوم العبور أسياده وقواده..
فقالا عبد
الله وأحمد سويا نعم يا أبتاه نحن فخورين بأننا مصريين .
فقال الأب
لبنيه : يابنى هذا شئ يسير عن مصر وإذا أردنا أن نتحدث عن مصر وأفضالها ما وسعنا
شهور وسنين ولكن ما ذكرته لكما جزء من كل لكى تعرفوا من هى مصر وتحموها بأرواحكم
واعلموا أن الأسد يمرض ولكنه لا يموت فمصر باقية بأمر الله تعالى ويكفى أن ربنا
سبحانه بشر كل من يريد أن يدخلها بأنه فى أمان .. حفظ الله مصر وشعبها ووقاها الله
شر الفتن .
الأولاد
سويا : اللهم آمين يارب العالمين .
يغلق الستار ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق