المسابقة
العالمية لوقف الفنجريّ
موضوع ا لبحث
(إعجاز القـــرآن الكـــــريم والسنة النبويَّة المطهرة في مجــــــــــــــــــــال
تحريم العلاقات
الجنسية غير المشروعة)
اسم الباحث / محمد عبدالله محمد شرف
العنوان / قرية كراديس – مركز
ديرب نجم – محافظة الشرقية
التليفون / 01126370126 / 01282822344
مقدمة البحث
الحمد لله نحمده،
ونستعين به، ونسترشده، ونعوذ به من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا
مضل له، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك
له، إقراراً بربوبيته، وإرغاماً لمن جحد به وكفر، وأشهد أن سيدنا محمداً صلى الله
عليه وسلم رسول الله، أدى الأمانة، وبلغ الرسالة، ونصح الأمة، وكشف الغمة، وجاهد
في الله حقّ الجهاد، حتى أتاه اليقين ، وأناديك سيدى يارسول الله قائلاً لك :
أنت الذى قــــــــاد الجيوش محطم ... عهد الظلام وأدب السفهاء
وسموت بالبشــــــــر الذين تعلموا ... سنن الشريعة فارتقوا سعداء
سعدت بطلعتك
السماوات العلا ... والأرض صارت جنة خضراء
صلى عليك الله
ياعلم الهدى ، صلى عليك الله ياماحى الدجى ، ما هبت النسائم وما ناحت على الأيك
الحمائم .
ثم الرضا عن أبى
بكر وعن عمر ... وعن على وعن عثمان ذى الكرم
والآل والصحب ثم
التابعين فهم ... أهل التقى والنقى والحـلم والكرم
فاللهم أخرجنا من
ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات
، إنك على ما تشاء قدير وبالإجابة جدير
ثم أما
بعد ،،،،،
سؤال مهم ... ؟؟!!
يامعشر الشباب
... انتبهوا جيداً إلى هذا السؤال الذى سوف أبدأ به بحثى هذا لأوضح المغذى من وراء
هذا البحث والغرض منه وبعد ذلك سوف نسترسل فى الموضوع من جميع جوانبه ووجه الإعجاز
فيه ....
لماذا كانت المعاشرة
وممارسة الجنس بعد الزواج حلالا، وبدون زواج حراما، مع أنها نفس الطريقة؟
وأجيب على ذلك
سائلاً المولى سبحانه وتعالى التوفيق والسداد والرشاد قائلاً :
- نحن أمة مسلمة،
دستور حياتنا كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- فالحلال عندنا ما أحله الله
ورسوله، والحرام ما حرمه الله ورسوله، والإسلام حرم العلاقة الجنسية بين الذكر والأنثى
إلا بولي وشاهدي عدل، وأي زواج لا تتوفر فيه هذه الشروط فهو زنى، والزنى محرم في الإسلام.
- طريقة الممارسة
الجنسية هي طريقة واحدة هذا صحيح، لكن الأولى بطريقة شرعية، والثانية بدون طريقة شرعية،
ولي أن أسأل سؤالا: شخصان حصل كل واحد منهما على مليون دولار، وصار يستمتع بها، لكن
الأول حصل عليها بعمله وعرق جبينه، وأما الثاني فسرقها، وصار يستمتع بها، فهل كلا الطريقتين
صحيحة؟!
إن طريقة الاستمتاع
واحدة، لكن استمتاع الأول حلال؛ لأنه اكتسبها بطريقة مشروعة، فاستمتع بها بطريقة مشروعة
حلال، وأما الثاني فاكتسبها بطريقة محرمة، فاستمتع بها بطريقة محرمة، وهكذا يقال في
الممارسة الجنسية.
- الممارسة الجنسية
عن طريق الزواج الموافق للشريعة الإسلامية يحصر المرأة على زوجها صونا لها من العبث،
وحفاظا على النسل، أما الممارسة عن طريق الزنى ففيه امتهان للمرأة، فلا يحصرها على
زوجها، بل ستنتقل من رجل إلى آخر .
- الزواج بالطريقة
الإسلامية فيه رضى الولي وموافقته، وفيه مهر يعطى للمرأة أخذا بخاطرها، وفيه إشهار،
لذلك النكاح خلاف للزنى، وإن أعطيت المال فهو مقابل الزنا بها.
- المنصفون من الباحثين
والمفكرين والكتاب في بلاد الغرب يشهدون بان العلاقة الجنسية في الإسلام هي العلاقة
السليمة، فكيف ببعض أفراد من هذه الأمة يتشككون في دينهم!
- من حكم تحريم الممارسة
الجنسية بغير الطريقة الشرعية (الزنى):
-المحافظة على كرامة
المرأة، فممارسة الجنس بغير طريقة الزواج على الشريعة الإسلامية يعني سلب المرأة كرامتها،
وجعلها سلعة مهانة، فإذا قنعت من الرجل الأول أو قنع هو منها انتقلت لآخر، وربما مارست
مع أكثر من واحد في آن واحد، وما المانع الذي يمنعها من ذلك؟ فليس ثمة ما يزجرها أو
يمنعها.
- وواقع غير المسلمين
أكبر شاهد على ذلك، والإسلام جاء لإكرام الناس، وبخاصة المرأة، ولو قرأت كلام المنصفين
من الغربيين رجالا ونساء لعرفت الحال المزرية التي وصلت إليها المرأة، تماما كما كانت
في الجاهلية الأولى متاعاً يورَث، ومحلاًّ للإهانة والتحقير، وإن زيف الحقائق إعلامهم
الكاذب المضلل.
- الزنى لا يفرق بين
المرأة المكرمة والبهائم، فالمرأة في الإسلام مكرمة تحصر نفسها على زوجها، أما البهيمة
فلكل ذكر في القطيع أو للذكر الأقوى.
- الزواج في الإسلام
له أحكامه كالخلع، والطلاق، والعدة، وغير ذلك، أما في الطريقة غير الإسلامية ربما تتزوج
المرأة بعد طلاقها بأيام وأسابيع، فكيف لو كانت حاملا من الزوج الأول؟ كيف ستعرف أن
هذا الحمل من الأول أم من الثاني؟
- تحريم هذا النوع
من العلاقات الجنسية موافق للفطرة التي فطر الله الناس عليها، من الغَيْرة على العِرْض،
حتى إن بعض الحيوانات تغار على عرضها، فقد ثبت في صحيح البخاري عن عمرو بن ميمون الأودي
قال: (رأيت في الجاهلية قرداً زنا بقردة، فاجتمع القرود عليها فرجموها حتى ماتت)، فإذا
كان القرد يغار على عرضه، ويستقبح الزنا، فكيف تريدون أن يرضى الأولياء من المسلمين
لأعراضهم أن تنتهك؟ وكيف تريدون المسلم لا يغار على عرضه؟ وهو الذي كرمه الله على سائر
خلقه؟ فأي رجل يرضى لمحارمه أن يمارسن الجنس بدون الطريقة الشرعية فقد رضي لنفسه أن
ينزل عن مرتبة بعض الحيوانات كما حاصل عند غير المسلمين.
- كل من يبيح الممارسة
الجنسية بغير الطريقة الشرعية الإسلامية لا يستطيع أن يمنع المتزوجة أن تمارس الجنس
مع أي شخص غير زوجها، وهذا ما تبيحه القوانين البهائمية في دول الغرب، فليس ثمت مانع
عندهم من ذلك طالما كان برضى المرأة، وخارج بيت الزوج، وهذا ما يؤدي إلى اختلاط الأنساب.
- من الحكم الإلهية
لتحريم ممارسة الجنس بغير الطريقة الإسلامية الحماية من الأمراض التي هي عقوبة ربانية
على انتشار تلك الفاحشة، ولا أظنه يخفى على أحد ما تعانيه كثير من الشعوب الإباحية
من أمراضٍ خطيرة، والتي آخرها الإيدز الذي أفنى ملايين الناس في العالم، يقول النبي
-صلى الله عليه وسلم-: (لَمْ تَظْهَرْ الْفَاحِشَةُ فِي قَوْمٍ قَطُّ حَتَّى يُعْلِنُوا
بِهَا، إِلَّا فَشَا فِيهِمْ الطَّاعُونُ وَالْأَوْجَاعُ الَّتِي لَمْ تَكُنْ مَضَتْ
فِي أَسْلَافِهِمْ الَّذِينَ مَضَوْا). ذكره الألباني في السلسلة الصحيحة (1/ 167)
- أما رضى الأب بممارسة
ابنته للجنس عن طريق الزواج الشرعي، والأخ بزواج أخته وحملها، والسماح لزوجها أن يلمسها
ويرى جسمها: فتلك سنة الله في خلقه، ولأن ذلك كان برضاهم وبالطريقة الشرعية، ولأنها
صارت حلاله، ولا غيرة في هذا الجانب، بخلاف ما لو كانت العلاقة غير شرعية، فإنهم لن
يرضوا بذلك أبدا، وأما ما يحدث في بلاد الغرب الكافر فإنه لا غيرة عندهم، بل هم من
يشجع على تلك العلاقات المحرمة، ويرون أن الفتاة التي لا علاقة لها فتاة معقدة.
فيا أيتها الأخت
الكريمة انظرى إلى نفسك جيداً لقد كرمكى الله من فوق سبع سماوات وأعلى من شأنك
فلماذا ترضين بالرذيلة وعدم العفاف .
وتعالى معى لنرى
سوياً هذه الصورة المشرقة لكِ فى ظل الإسلام .....
ورد ذكر المرأة في
القرآن على أحوال مختلفة حتى بلغ 282 موضعاً
( أو لفظاً ) من مجموع
ألفاظ القرآن البالغ عددها 77437 كلمة .
كذلك وقد بلغت جملة
الآيات التي ورد فيها ذكر المرأة 173 آية من مجموع آي القرآن البالغ عددها 6236 آية .
أماعن سور القرآن
وعددها 114 سورة فقد ورد ذكر المرأة في 53 سورة أي ما يقرب من نصف سور القرآن .
ومن بين أربع عشرة
سورة وردت بأسماء مثل:-
( آل عمران – يونس – يوسف – سبأ – محمد - ..........-
......... ) وردت سورة باسم " مريم
".
ومعلوم أن سورة البقرة
هي أكبر سور القرآن ثم تأتى بعدها سورة النساء لتحتل المركز الثاني بعد البقرة فهي
تقع في 23 صفحة و 3 سطور بمجموع قدره 348 سطرا .
ولقد تناول القرآن
الكريم كل أحوال حواء في جميع مراحل وجودها من نشأتها حتى اكتمالها بتفصيل وروية وتقنين
وتحذير وتبصير وارشاد ونصح وضرب للأمثال واستماع للشكوى وبيان للسلوك وتفسير لطبيعتها
وتكوينها بقدر يدل على ماهي عليه من ثراء في الخلق وسخاء في العطاء وقدرة على التحمل
وأهلية للتبعات والمسئولية ويقظة الضمير وسمو الاحساس ولطيف العاطفة .
فتلك صورة مشرقة أوضحها
القرآن الكريم للمرأة وبيان قدرها وعلو شأنها وتنبيه إلى عظيم رسالتها وكمال ورفعة
وخطر دورها في مجتمع لا يكون إلا بها وإلا فكيف يكون مجتمع إن فقد نصفه شكلا وأكثر
من نصفه مضمونا ؟
وما كان القرآن الكريم
يوليها ذلك الاهتمام بهذه الدقة لولا أنها تستحق ذلك . والله أعلم حيث يجعل رسالته
.
فأنادى المرأة المسلمة
قائلا لها : يا أختاه .......
لقد رفعك القرآن مكاناً
علياً وأوصى بك رسول الله صلى الله عليه وسلم وأشار إلى أن الجنة تحت أقدام الأمهات
منكن ولم يقل بذلك لغيركن فاتقين الله في الرجال فهم آباؤكن وأخواتكن وأزواجكن وأبناؤكن
ولن ينسى الرجال أنكن ولدتهم وأنهم أبناؤكن وأنكن كزوجات جعل الله فيكن المودة والرحمة
وأنكن كأخوات وبنات نور العيون ونبض القلوب وحس الفؤاد .
وأنادى الرجل المسلم
قائلا له : يا أخى .........
ارفق بالمرأة وأعلم
أنها شريكة لك في الحياة واعلم أن الله قد أعطاها من المواهب ما يكفي لتحملها المسئولية
.
ولا تلقى بها و بنفسك
فى نار جهنم باتباع الشهوات والنزوات والعلاقات الغير مشروعة ، وإن أردت الإرتباط بها
فلا سبيل إلى ذلك سوى القناة الشرعية الوحيدة وهى الزواج على سنة الله ورسوله .
فالزواج فى الإسلام
هو حجر الأساس فى بناء العائلة وهو بالتالي أساس استقرار المجتمع والزواج نفسه هو عقد
شرعي قانوني بين المرأة والرجل يتعاهدان فيه على الحياة المشتركة وفقاً للشريعة التى
يؤمنون بها . وعليهم أن يتذكروا دائما واجبهم نحو الله تعالي وواجبات وحقوق كل منهما
تجاه الآخر .
ينظر غير المسلمين
إلى الطريقة التى يختار فيها المسلم زوجته على أنها طريقة عتيقة وبما أن الإسلام يؤكد
على العفة والحياء ، فمن الطبيعي أن لا تكون هناك أية ضرورة للاختلاط الاجتماعي بين
الجنسين ، وخاصة كما فى الصورة التى يراها غير المسلمين على أنها طبيعية وليس هناك
أية صورة من ضرب المواعيد واللقاءات الخاصة المعتادة عند غير المسلمين قبل عقد الزواج
. وإن السلوك الجنسي وجميع الأفعال الجنسية ومقدماتها ليست مشروعة إلا تحت مظلة الزواج
الشرعي . وعلي هذا لايجوز أن تجري أية اختبارات جنسية قبل الزواج . والاخلاص والعفه
من الجواهر الأساسية فى الحياة الزوجية .
·
الزواج سنة كونية عامة في المخلوقات :
أيها الأحباب
... بادئ ذي بدء، قد تستغربون أن الزوجية
سنة من سنن الله في الخلق والتكوين، وهي سنة عامة ومطردة، لا يشذ عنها لا عالَم
الإنسان، ولا عالَم الحيوان، ولا عالم النبات، الزوجية في النبات، والزوجية في
الحيوان، والزوجية في الإنسان، إذاً : هي سنة كونية مطرَدةٌ أو مطَرِدةٌ، بمعنى
واحد في الخلق والتكوين، لقول الله عز وجل:
﴿ وَمِنْ كُلِّ
شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾ [الذاريات: 49]
النبات كيف يتكاثر ؟ عن طريق التزاوج، الحيوان
كيف يتكاثر ؟ عن طريق التزاوج، والإنسان كيف يتكاثر ؟ عن طريق التزاوج، فالزوجية
سنة مطردةٌ في عالَم الإنسان، والحيوان، والنبات، وهي أصل في الخلق والتكوين،
والله سبحانه وتعالى يقول :﴿ سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا
مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ وَمِمَّا لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [يس: 36]
حتى إن المادة، حتى إن الجماد لو حللناه لوجدناه
مؤلفًا من ذرات، وكل ذرة فيها نواة وكهارب، وهذه الكهارب بعض شحناتها إيجابي،
وبعضها سلبي، إذاً هناك تكامل، وربنا سبحانه وتعالى اختص الإنسان بنظام رفيع في
الزوجية، قال تعالى:
﴿ يَا أَيُّهَا
النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً
وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ
اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ﴾ ( الحجرات : 13 )
انظر إلى الطفلة الصغيرة التي لا يزيد عمرها على
عام واحد، إذا أرادت أن تلهو تأخذ الوسادة، وتجعلها بنتًا صغيرةً، تربط على ظهرها،
وكأنها تبكي من علمها ذلك ؟ ابنة عمرها سنة واحدة أو سنة وزيادة تأخذ دور الأم،
والطفل الصغير أيضاً له ألعاب تشبه ألعاب الرجال، يأخذ قضيباً ويركبه، وكأنه حصان،
معنى ذلك أن ربنا عز وجل حينما خلق الذكر والأنثى جعل فيهما صفات نفسية،
واجتماعية، وعقلية، وجسمية أودعها الله في الذكر والأنثى، قال تعالى:
﴿ يَا أَيُّهَا
النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً
وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ
اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ﴾ ( الحجرات : 13 )
﴿ يَا أَيُّهَا
النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ
مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا
اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ
رَقِيباً ﴾ ( سورة النساء : 1 )
هذه الآية من أدق الآيات، لأن المرأة والرجل
خلقا من نفس واحدة، من طبيعة واحدة، من جبلة واحدة، من خصائص واحدة، وكل إنسان يرى
أن المرأة أقلّ من الرجل هو إنسان لا يفهم هذه الآية الكريمة، المرأة كالرجل
مشرفةٌ، ومكلفةٌ، ومحاسبةٌ، ومكرمةٌ.
علاقة الذكر
بالأنثى علاقة منظَّمة:
لكن من كرامة الإنسان على الله أن علاقة الذكر
بالأنثى علاقة منظمة، كان من الممكن أن تكون علاقةً عشوائية، كلما الإنسان ارتقى
طبق منهج الله عز وجل في علاقته بالمرأة، وكلما تخلف نشأت الإباحية والتفلت، وعدم
الانضباط في علاقة الذكور بالإناث في عالم البشر، وهذه جاهلية، وتخلف شديد، قال
تعالى:
﴿ يَا بَنِي
آَدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَارِي سَوْآَتِكُمْ وَرِيشاً
وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آَيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ
يَذَّكَّرُونَ﴾ ( سورة الأعراف :
26 )
فالتعري عودة إلى الهمجية، والتستر رقي وحضارة،
فاللباس يواري سوءات الإنسان، وخلع الثياب دليل التوحش، ودليل البعد عن منهج الله
عز وجل.
إذاً علاقة الذكر بالأنثى ليست علاقةً إباحية،
ليست المرأة كلأً مشاعاً يأكل منه من يأكل، لكرامة الله على الله هناك نظام دقيق
للتعامل معها، ولكرامة الرجل على الله هناك قيود دقيقة في تعامله مع المرأة، أنت
أيها الإنسان مخلوق مكرم، أنت مخلوق مكلَّف، الحركة منظمة، هناك ممنوعات، ومباحات،
وواجبات، وفرائض، ومحرمات، هناك شيء يجوز، وشيء لا يجوز، أما هذا الذي ينطلق وراء
غرائزه كالحيوان تماماً، كالدابة المتفلتة من عقالها فلا إيمان له، أما المؤمن فهو
منضبط.
ما الذي رفع سيدنا يوسف عليه السلام إلى هذه
المكانة العلية ؟ انضباطه، وما الذي جعل الإنسان الزاني يسقط من عين الله ؟ تفلته،
أنت بهذه الغريزة التي أودعها الله فيك إذا ضبطتَها وفق منهج الله تنقلب هذه
الغريزة إلى درجات ترقى بها، أما إذا لم تضبطها وفق منهج الله تنقلب الغريزة إلى
دركات تهوي بها، إذا صعدت درجة يقال لها: درجة، فإذا نزلت يقال لها: دركة، والآية
الكريمة، قال تعالى:﴿ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ
النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيراً ﴾
( سورة النساء : 145 )
-
عقد الزواج ميثاق غليظ:
-
لذلك
لا يتم اتصال بين الذكر والأنثى إلا وفق نظام، وفق عقدٍ فيه إيجاب، وفيه قبول،
وفيه شهود، وفيه مهر، وهذا العقد له مقدمات، فلابد من خطوبة، لابد من البحث
والتحري لابد من التدقيق، لابد من التأني، لابد من الكفاءة الزوجية، لابد من أن
تختار امرأةً صالحة إذاً عقد الزواج أقدس على الإطلاق في عالم البشر سماه الله
الميثاق الغليظ، قال تعالى:
﴿ وَكَيْفَ
تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ
مِيثَاقاً غَلِيظاً ﴾
( سورة النساء :21 )
-
مخالفة نظام الزواج واتباع الهوى مآله الدمار الدنيوي:
وهو عقد الزواج،
إذاً هذه الغريزة غريزة الجنس الذي وضعها الله في الإنسان ليرقى بها مرةً شاكراً،
ومرةً صابراً نظمها أدق تنظيم، فالمؤمن يتبع هذا النظام، المؤمن ينضبط بهذا
التشريع، المؤمن يقف عند حدود الله، غير المؤمن يطلق بصره بالحرام، كلما سمحت له
فرصة يروي هذه الغريزة بطريق مشروع، أو غير مشروع، لكن الله بالمرصاد، هناك أمراض
كثيرةٌ، وعضالة ومدمرة فتاكةٌ تنتظر الذي يشذ عن منهج الله، فإذا أردت السلامة،
إذا أردت لهذه الغريزة، أن تنتفع بها، وأن يبارك الله لك بها، وأن تسعد بها فاتبع
فيها منهج الله عز وجل.
-
حضُّ الإسلام على الزواج وأدلة ذلك :
أولاً: موضوع الزواج يجب أن يكون هدف كل شاب،
وفي أقرب وقت، وعلى الآباء والأولياء تقديم كل تسهيل، وكل معونة، وكل تبسيط،
وعليهم إن لم يفعلوا ما أمرهم به الشرع أن يتحملوا تبعة امتناعهم فسقاً وفجوراً
وفضائح ومآسي لا حصر لها.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضى الله عنه قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
( إِذَا خَطَبَ
إِلَيْكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَزَوِّجُوهُ، إِلا تَفْعَلُوا
تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأرْضِ وَفَسَادٌ عَرِيضٌ ) [ جاء فى صحيح الترمذي (1084) ]
الآن أضع بين أيديكم نماذج كثيرة جداً من نصوص
الكتاب والسنة كي تعرفوا كيف حض الشرع على الزواج، لأن الحقيقة أن نظام المجتمع
البشري أساسه الزواج، هذا المجتمع الكبير بناء ضخم، اللبنة الأولى فيه هي الأسرة،
وأي نظام اجتماعي يكرم الأسرة، ويشجع على بنائها، ويسهل لها إنشائها، هذا نظام
جيد، وأي نظام يحل السفاح مكان النكاح، ويمتنع عن إنجاب الأولاد.
هل يوجد أعلى من الأنبياء والمرسلين ؟ أعلى طبقة
في المجتمع، نخبة البشر، صفوة البشر، قال تعالى : ﴿ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آَدَمَ
وَنُوحاً وَآَلَ إِبْرَاهِيمَ وَآَلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ ﴾ ( سورة آل عمران :33 )
-
الأنبياء والمرسلون وهم قمم البشر، ربنا جل جلاله قال:
﴿ وَلَقَدْ
أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجاً وَذُرِّيَّةً
وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآَيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ لِكُلِّ
أَجَلٍ كِتَابٌ ﴾ ( سورة الرعد :
38 )
-
الزواج إذاً شيء مشرف.
وفي حديث الترمذي عَنْ أَبِي أَيُّوبَ قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
( أَرْبَعٌ مِنْ
سُنَنِ الْمُرْسَلِينَ: الْحَيَاءُ وَالتَّعَطُّرُ، وَالسِّوَاكُ، وَالنِّكَاحُ )
هذا الكلام ينبغي أن يترجمه الآباء، أولياء
الفتيات، إذا كنت ميسور الحال، وأمّنت بيتًا لصهرك فهذا عمل عظيم، هذا عمل ضروري.
يا أولياء الشباب، إذا أعنت ابنك على الزواج،
أوجدت له بيتًا، أمّنت له حاجاته، فهذا عمل عظيم.
يا معشر الشباب، إذا وفّرتم، واشتغلتم بنية
الزواج فهذا عمل عظيم.
إن الفتاة إذا أعدت نفسها لتكون زوجة فاستقامت
على أمر الله، وحفظت كتاب الله، وتفقهت في دين الله، وهيئت نفسها لكي تكون أماً
فإنّ الله سبحانه وتعالى لابد من أن يكرمها بمؤمن يجعل منها ومنه بيتاً إسلامياً.
-
الآن حض آخر على الزواج، قال تعالى : ﴿ وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ
أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً
وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ
اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ ﴾ ( سورة النحل :72 )
من فضل الله عليكم أن خلق لكم من أنفسكم
أزواجاً، تارةً وصف الأنبياء والمرسلين، وهم قمم البشر، وصفوة البشر بأن لهم
أزواجًا وذرية، وتارة منّ الله على بني الإنسان بأن خلق له بنين وحفدة، وكيف لا
نصدق ذلك، وقد جعل الله نظام الزوجية آية من آيات الله الدالة على عظمته ؟ قال
تعالى:
﴿ وَمِنْ
آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا
إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ
لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ ( سورة الروم :
21 )
من آياته الليل والنهار، من آياته الشمس والقمر،
ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها.
إذا قال الإنسان: أنا لا أملك من أين أحضر المال
؟ البيت ثمنه كبير، ولا إمكانية للإيجار، الزوجة تريد مصروفًا، والذهب ثمنه باهظ،
وغرفة النوم أيضًا، وكذا غرفة الضيوف، من أين أحضر الأموال ؟ أنأ إنسان دخلي وسط،
هكذا يقول، ثم يقرأ قوله تعالى :﴿ وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ
مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ
فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴾ ( سورة النور : 32 )
هذه الآية يجب أن نتمسك بها، وهي كلام ربنا،
وعندما تتزوج يرزقك الله، لهذا قال عليه الصلاة والسلام : ( من ترك التزويج مخافة
العيلة فليس منا ) .
(الديلمى عن أبى سعيد)
ومن غريب
الحديث:" العيلة " الفقر والحاجة )
[ وورد في الأثر
]
إذا أحجم الرجل عن الزواج أو عن التزويج، وقال:
ماذا يملك هذا الذي خطبك بنتي ؟ لا نقبل، تقول لي: ماذا يملك ؟ هذا كلام ليس له
معنى، يجب أن تعينه، وتقبل معه باليسير، وإلا يحل السفاح مكان النكاح، وإلا ترى
نصف بيوت الشام أصبحت بيوت دعارة، لا خيار غلا في الزواج، فالمسلمون إما أن
يستيقظوا، ويحلوا هذه المشكلة، وإما ـ والله ـ هناك أيام سوداء لا يأمن الرجل على
ابنته أن تخرج من البيت،
إذا قال لك ابنك: يا أبي، تعطيني غرفة مِن عندك
فقل له: أعطيك، تقسم لي البيت، نعم، أقسم لك البيت، وهذه بطولة.
هناك آباء يقول أحدهم: لا أخرج من البيت إلا وقت
الموت، وهو في بيت مساحته أربعمئة متر، ثمنه ثلاثون مليونًا، وأنت وزوجتك، وعندك
شباب يتحرقون على زواج، بع هذا البيت، وصغّره، ماذا يحدث ؟
هذه بطولة الآن.
أنا أقول كلامًا واقعيًا: الأب البطل الذي يهيئ
تزويج أولاده بأي شكل، يصغّر بيته، يقطع عن فمه بالتعبير العامي حتى يؤمّن أولاده،
لأن الابن إذا انحرف فهو في رقبة الأب، إذا لم يكن ابنك في الإيمان الكافي زلّت
قدمه، آية كريمة أنا كنت في حيرة شديدة معها .
قال تعالى :﴿ وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا
يَجِدُونَ نِكَاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَالَّذِينَ
يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ
عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً وَآَتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آَتَاكُمْ
وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً
لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَنْ يُكْرِهْهُنَّ فَإِنَّ اللَّهَ
مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ ( سورة النور : 33 )
هل يمكن لإنسان على وجه الأرض ـ واللهُ يخاطب
المؤمنين ـ أن يجبر ابنته على البغاء ؟ ما أدري لهذه الآية من معنى ؟ لكن معنى هذه
الآية: أنّ الأب الذي يضع العراقيل أمام تزويج ابنته، فتارةً لا يوجد بيت، وتارةً
لا يوجد له دخل ثابت، وثالثاً مدخل بيتهم مُزرٍ، هذه أصبحت علة، كل إنسان يضع
عراقيل أمام تزويج ابنته كأنه يدفعها إلى البغاء من حيث لا يدري، فلذلك قال تعالى،
وهذا الأمر إلهي:﴿ وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ
عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ
فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴾ ( سورة النور : 32 )
الأيامى مفردها أيّم، والأيّم هو الرجل أو
المرأة الشاب، أو الشابة الذي لا زوجة له، أو لا زوج لها، اسمها أيّم، قال تعالى:
( أَنْكِحُوا )، افتحوا الجامع الصغير على حرف الحاء، حق المسلم على المسلم، حق
الأب على ابنه، حق الابن على أبيه، حق الأخ على أخيه، حق الجار على جاره، حوالي
ثلاثة عشر حديثًا، هناك حديث واحد إن قرأته اقشعر جلدك، ولا يوجد غيره :( ثلاثة حق
على الله عونهم: المجاهد في سبيل الله، والمكاتِب الذي يريد الأداء، والناكح الذي
يريد العفاف )[رواه الترمذي وقال هذا حديث
حسن. والنسائي عن أبي هريرة ]
أيها الشباب لكم عند الله حق، إذا أردت الزواج
أن يعينك الله، كيف ؟! لا أعلم ، ولكن يوجد معونة ادخرها لك، قال تعالى :
﴿ وَمَنْ يَتَّقِ
اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً ﴾ ( الطلاق : 2 )
-
الحكمة من الزواج:
الحكمة الأولى:
الزواج هو القناة النظيفة للغريزة الجنسية:
الحقيقة أن أكبر غريزة في الإنسان، وأعنفها هي
الغريزة الجنسية، هذه الغريزة حينما تفرغها في القناة النظيفة التي شرعها الله عز
وجل فكأنها قنبلة نزعت عنها الفتيل، كان هناك شيء متفجر، فوضعت عليه صمام الأمان،
يمكن أن يكون هناك تفجر، وانحراف، وزلة قدم، وزنا، فلما تزوج الإنسان فهذه الطاقة
الكبيرة، وهذا الاندفاع الشديد، وهذه الغريزة المتأججة انتهت، وهذا المسلك الطبيعي
لها، لذلك قال تعالى:﴿ وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ
أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً
إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ ( سورة الروم : 21)
لتسكنوا، معنى هذا أن هناك اضطرابًا، وقلقًا،
ورغبة، وشعورًا بالحرمان، كله انتهى، إنه أغض للبصر، وأحصن للفرج.
إذاً أول حكمة أن هذه الغريزة الطبيعية التي
أودعها الله في الإنسان من خلال الزواج هذه الغريزة تسلك سلوكاً طبيعياً، وتغدو
حياة الإنسان طبيعيةً، ويصبح له توازنًا، وطمأنينة، وسكونًا، كلمة سكن تشير إلى
هذا المعنى، السكن معنى أنه يوجد اضطراب.
عَنْ جَابِرٍ رضى الله تعالى عنه وأرضاه ( أَنَّ
النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى امْرَأَةً فَدَخَلَ عَلَى
زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ فَقَضَى حَاجَتَهُ مِنْهَا، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى
أَصْحَابِهِ فَقَالَ لَهُمْ: إِنَّ الْمَرْأَةَ تُقْبِلُ فِي صُورَةِ شَيْطَانٍ...
) [ أبو داود والترمذي]
المرأة رمز الدنيا، فإذا نظر الإنسان إلى امرأة
مقبلة فهي شيطان، طبعاً إذا كانت سافرة، فإذا نظرت إليها فكأنما شيطان يدعوك إلى
معصية.
(... فَمَنْ
وَجَدَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَلْيَأْتِ أَهْلَهُ، فَإِنَّهُ يُضْمِرُ مَا فِي
نَفْسِهِ )
[ مسلم، وأبو داود والترمذي]
المرأة الأجنبية الكافرة شيطانة تدعو إلى
الفتنة، تدعو إلى الانحراف.
فحينما تسفر المرأة، وحينما تبرز مفاتنها فلسان
حالها يدعو إلى التحرش بها، أما حينما تتحجب فلسان حالها يدعو إلى البعد عنها،
واحترامها وتقديسها، وزيّ المرأة ينطق عنها، زيها المحتشم ينطق بعفتها وحشمتها،
واستقامتها وطهارتها، وزيها غير المحتشم ينطق عنها برغبتها بالانحراف، ودعوتها
للذئاب لينهشوا منها.
عندما ربنا قال:﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ
لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ
جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ
غَفُوراً رَحِيماً ﴾
( سورة الأحزاب :59 )
المرأة المؤمنة الحد الأدنى الذي يؤكد أنها
مؤمنة حجابها، أما الأعلى فأن تعرف الله، أن تعرف منهج الله، أن تعرف حق الزوج، أن
تعرف حق أولادها عليها، أن تكون محسنةً، أن تكون عفيفةً، لكن حدها الأدنى أن تكون
محجبةً، ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين، معنى ذلك أن المرأة إذا لم تتحجب، وآذاها من
آذاها فكأنما أعطتهم المبرر.
عندنا في اللغة لسان المقال، ولسان الحال، وقد
يكون لسان الحال أبلغ من لسان المقال، فلباس المرأة لسان ينطق عنها، فإن كانت
محتشمة كأنها تقول: أنا امرأة مسلمة، فابتعدوا عني، أنا لي زوج، أما إذا ارتدت
لباساً فاضحةً فلسان حالها يدعو إلى التحرش بها، من زيها لا تؤذيها، ومن زيها
تؤذيها.
الحكمة الثانية:
الزواج أفضل وسيلة للإنجاب:
الحكمة الثانية أن الزواج أفضل وسيلة لإنجاب
الأولاد، وتكثير النسل، واستمرار الحياة مع المحافظة على الأنساب.
إنّ رجلا خبيرًا من دولة أجنبية أقام حفلا
كبيرًا جداً لأصدقائه بمناسبة أنه أنجب مولوداً، وهو له في هذه البلدة سنتين، لا
يهمه هذا، وزوجته أرسلت له رسالة أنها أنجبت مولوداً فأقام احتفالاً كبيراً، لأنه
أنجب مولوداً، لكن هذا الغلام من غيرك، هذا لا يهمّه.
هناك قصة مشهورة تُروى عن إنسان خطب فتاة، فلما
استشار والده قال له: لا يا بني، هذه أختك، وأمك لا تدري، فلما اختار فتاة أخرى
قال له: هذه أيضاً أختك، وأمك لا تدري، فلما أشار إلى فتاة ثالثة قال: يا بني، هذه
أختك أيضاً، وأمك لا تدري، فلما ضاق ذرعاً بأبيه شكا إلى أمه، فقالت له: خذ أياً
من هؤلاء، فأنت لست ابنه، وهو لا يدري.
هذا مجتمع الغرب، لكن مجتمع المسلمين مجتمع
الطهر والعفاف، مجتمع النظافة مجتمع العفة، نحن نحمد الله على أننا في مجتمع نظيف،
وما زال فينا بقية من طهر وعفاف، هذه بلدة مباركة،فيها الأزهر الشريف ، فالإسلام
نزل بمكة وتعلمه الناس بمصر ، الشيء الذي يوصف به أهل الغرب شيء لا يوصف، انحلال
خلقي، تبادل زوجات، زنا محارم، أمراض وبيلة.
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ:( كَانَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُ بِالْبَاءَةِ، وَيَنْهَى عَنِ
التَّبَتُّلِ نَهْيًا شَدِيدًا، وَيَقُولُ: تَزَوَّجُوا الْوَدُودَ الْوَلُودَ،
إِنِّي مُكَاثِرٌ الأَنْبِيَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) . ( رواه ابو داود وقاله الألباني في السلسلة الصحيحة 5/497 حديث رقم
2383 (( صحيح )) )
هذا مقياس النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، يبدو أن أعظم ما في المرأة مودتها لزوجها، وإنها تنجب له أولاداً
أطهاراً.
دخل الأحنف بن قيس على معاوية بن أبي سفيان
ويزيد بين يديه، وهو ينظر إليه إعجاباً به، فقال: ( يا أبا بحر، هذه كنية الأحنف
بن قيس، ما تقول في الولد ؟ فعلم ما أراد، فقال: يا أمير المؤمنين، هم عماد
ظهورنا، و ثمرة قلوبنا، وقرة أعيننا، بهم نطول على أعدائنا، وهم الخلف منا لمن
بعدنا، فكن لهم أرضاً ذليلة، وسماءً ظليلة، إن سألوك فأعطهم، وإن استعتبوك فأعتبهم،
لا تمنعهم رفدك فيملّوا قربك، ويكرهوا حياتك، ويستبطئوا وفاتك)
الأب البخيل ـ والعياذ بالله ـ إذا مرض، وجيء له
بالطبيب، وقال الطبيب: اطمئنوا، لا يوجد شيء، ينزعج الأولاد جداً، أما الأب الكريم
فحياته أغلى عليهم من حياتهم أنفسهم.
أيها الآباء هذا الكلام لطيف، - فكن لهم أرضاً
ذليلة، وسماءً ظليلة، إن سألوك فأعطهم، وإن استعتبوك فأعتبهم، لا تمنعهم رفدك
فيملوا قربك، ويكرهوا حياتك، ويستبطئوا وفاتك، فقال: لله درك يا أبا بحر -.
هل تصدقون أن إنسانًا في غرفة العمليات، وعملية
خطيرة جداً يأتي أشد الناس قرباً منه ليفاوض الطبيب على قتله في أثناء العملية على
مبلغ كبير.
أنا معجب بكل أب أعطى أولاده وهو في حياته ما
يريدون، حتى شعروا أن أباهم شديد العطف عليهم، طبعاً بالعدل فعَنِ النُّعْمَانِ
بْنِ بَشِيرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:(
أَلَكَ بَنُونَ سِوَاهُ ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَكُلَّهُمْ أَعْطَيْتَ مِثْلَ
هَذَا ؟ قَالَ: لا، قَالَ: فلا أَشْهَدُ عَلَى جَوْرٍ ) صحيح مسلم كتاب الهبات[ متفق عليه ]
أن تعطيهم في حياتك، وأن تعدل بينهم في حياتك،
هذه من واجبات الآباء.
الحقيقة أن في الإنسان غريزة الأبوة والأمومة،
هذه الغريزة الراقية جداً لا تظهر إلا في الزواج، وإنجاب الأولاد، ترى الشاب
طائشًا، فعندما يأتيه ولد يصبح إنسانًا آخر، نشأ في قلبه العطف والحب، فغريزة
الأبوة، وغريزة الأمومة لا تظهر إلا من خلال الولد، هذه الغريزة فضيلة في الإنسان،
الزواج يشعر الزوج بالتبعة، بالمسؤولية، عنده زوجة، وعنده أولاد يحتاجون إلى
مصروف، تراه ينصرف إلى عمله دؤوباً، يبذل ويضحي، صار إنسانًا مقدسًا، أما الذي ليس
له زوجة، ولا أولاد أكثر أيامه يقضيها في النوم، كسول، أما الذي له زوجة وأولاد،
وعليه تبعات هذا ينطلق إلى عمله، والنبي صلى الله عليه وسلم أثنى على كل شاب فقال:
إذا خرج هذا الشاب يرعى أهله فهو في سبيل الله.
خروج الشاب من بيته إلى عمله يرعى أبويه، أو
أهله، أو أولاده فهو في سبيل الله.
كلكم يعلم أن المرأة التي شكت إلى النبي عليه
الصلاة والسلام زوجها، قالت:( يا رسول الله، إن فلان تزوجني وأنا شابة ذات جمال
وأهل ومال، فلما كبرت سني، ونثرت له بطني، وتفرق أهلي، وذهب مالي قال: أنت علي
كظهر أمي، ولي منه أولاد، إن تركتهم إليه ضاعوا، وإن ضممتهم إلي جاعوا، فبكى النبي
عليه الصلاة والسلام ) [ ابن ماجه عن
عائشة]
موطن الشاهد أن الأم مهمتها تربية الأولاد، وأن
الأب مهمته كسب الرزق، وهذا اختصاص، هناك تكامل بين الزوجين، المرأة في الداخل،
ولها كل الخصائص والمشاعر، وهو في الخارج، وله كل الخصائص والمشاعر المتعلقة بعمله
خارج المنزل.
أخى وابنى الغالى ... أبعد كل ذلك تتجه إلى غير
الزواج وتسلك طريقاً غيره يؤدى بك إلى المهالك والآثام واغضاب رب العالمين ؟؟!!
فلقد قال تعالي : { وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5) إِلَّا
عَلَىٰ أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ
(6) فَمَنِ ابْتَغَىٰ وَرَاءَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْعَادُونَ (7) } سورة المؤمنون : 5-7
·
هل أنت حر فى عقلك وجسدك ؟
ظن كثير من أهل
الشهوات في زماننا أنهم أحرار في عقولهم و أجسادهم يتصرفون فيها بما تمليه عليهم
شهواتهم, فانطلقت أعيُنهم الحائرة تبحث عن فرائسها كما لو كانت في الغابات,
فانتشرت الفواحش من زنا و لواط و سُحاق و تحرشات جنسية ربما وصلت إلي الاغتصاب أو
القتل. و في سعيهم للحرام أبغضوا الحلال, فالزواج عندهم مقيد للحريات, و العفة و
ستر العورات عندهم رجعية لا تواكب العصر, و لا تستحق العفيفة عندهم إلا القذف في
عفتها, و لا فرق بين الرجال و النساء في الملبس أو التصرفات,
و لم يعد للمحارم
عندهم وزن, و لا احترام للأنساب.
و قد أخبرنا
النبي صلي الله عليه و سلم بوقوع و شيوع هذا البلاء العظيم فقال (إن من أشراط
الساعة أن يرفع العلم ويكثر الجهل ويكثر الزنا ويكثر شرب الخمر ويقل الرجال وتكثر
النساء حتى يكون لخمسين امرأة القيم الواحد) متفق عليه,
و قال (والذي نفسي بيده لا تفنى هذه الأمة حتى
يقوم الرجل إلى المرأة فيفترشها في الطريق فيكون خيرهم يومئذ من يقول : لو واريتها
وراء هذا الحائط)
رواه أبو يعلى وقال الهيثمي ورجاله رجال الصحيح .
أيها الأخوة، فضائح أهل الأرض من قديم الزمان
إلى الآن لا تزيد عن نوعين من الفضائح؛ فضائح أخلاقية، وفضائح مالية، والشرع
الحكيم حصن المسلم من أن تزل قدمه مالياً، أو أن تزل قدمه أخلاقياً، لذلك يتمتع
المؤمن بسمعة طيبة، يمشي رافع الرأس لا يخشى في الله لومة لائم، المؤمن مرتبة
عالية جداً، مرتبة أخلاقية، منضبط بالكتاب والسنة .
أنا أخاطب
الشباب، أيها الشاب ! لا تتوهم أن في الإسلام حرماناً أبداً، ما من شهوة أودعها
الله فيك إلا وجعل لها قناة نظيفة رائعة تسري خلالها، لذلك مسموح لك أن تتبع الهوى
بنص القرآن الكريم، قال تعالى :
﴿ وَمَنْ أَضَلُّ
مِمَّنَ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ ﴾ [ سورة القصص الآية : 50 ]
أيها الأخوة،
طبيعة المرأة أنها جبلت على حبّ التزين، وهذا مباح لها لمحارمها بنوع من الزينة،
ولزوجها بنوع آخر من الزينة، ما سوى ذلك فهذا ليس مباح لها .
ماذا فعلت
الثقافة الغربية؟ أباحت للمرأة لا أن تبرز بعض مفاتنها، أن تبرز كل مفاتنها لمن
يمشي في الطريق، كانت أختاً لك حينما سترت مفاتنها، فأصبحت أنثى، سلعة يشتهيها كل
من رآها، بين أن يكون الإنسان شيئاً ثميناً، بين أن تكون المرأة أختاً كريمة وبين
أن تكون سلعة رخيصة، حينما تتعرى صدقوا ولا أبالغ هناك مصطلح خطر في بالي هذا
المصطلح هو التحرش، كيف يتحرش الرجل بالمرأة؟ يسمعها كلاماً معسولاً وقد يمد يده
إليها، هذا التحرش، لكن الأخطر من هذا كيف تتحرش المرأة بالرجل؟ حينما تكشف عن
مفاتنها هذا اسمه تحرش أيضاً .
لذلك أيها
الأخوة، صدقونى ولا أبالغ تسعون بالمئة من الفواحش بدأت بالاختلاط، خيانة زوجية مع
من؟
مع صديق الزوج،
كيف تعرف عليها؟ بطعام مشترك، بنزهة مشتركة، ما من مشكلة ترفع إليّ حول الخيانة
الزوجية إلا أسأل مع من وكيف تعرف إليها؟ النتيجة اختلاط، الله عز وجل هو العليم،
هو الخبير، هو الحكيم.
القصص التي تروى
من خلال التعرف على الفتيات بالانترنيت، بالشات، وهذا التعرف ينتهي بالفاحشة، ثم
بالتصوير، ثم بالابتزاز، ثم بالمتاجرة بالفتاة، لا تعد ولا تحصى.
تبدأ من علاقة
آثمة بين فتاة وفتى، لذلك القناة النظيفة الوحيدة في الإسلام هي قناة الزواج، في
أصح كتابين بعد كتاب الله في البخاري ومسلم يقول النبي عليه الصلاة والسلام: ( لَا
يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ وَلَا تُسَافِرَنَّ امْرَأَةٌ إِلَّا وَمَعَهَا
مَحْرَمٌ فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ اكْتُتِبْتُ فِي غَزْوَةِ
كَذَا وَكَذَا وَخَرَجَتْ امْرَأَتِي حَاجَّةً قَالَ اذْهَبْ فَحُجَّ مَعَ
امْرَأَتِكَ) .[متفق عليه عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ]
أي فَضّل النبي
لهذا الصحابي أن يحج مع امرأته وأن يدع الجهاد في سبيل الله، مع أن الجهاد ذروة
سنام الإسلام.
أيها الأخوة،
هناك ملمح بالحديث دقيق جداً، ما قال النبي عليه الصلاة والسلام: ما خلا كافر
بامرأة، ما قال: ما خلا فاسق بامرأة، قال: ما خلا رجل، المؤمن رجل، والكافر رجل،
والفاسق رجل، والمنافق رجل، الحديث بنصه الدقيق:
(أَلَا لَا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ
إِلَّا كَانَ ثَالِثَهُمَا الشَّيْطَانُ) . [ سنن الترمذي عن ابن عمر]
·
أخى الحبيب ...لا تقرب الزنا
ليس هناك في
القرآن الكريم نهي عن الزنا، هناك نهي عن أن تقرب الزنا، فالخلوة تقرب من الزنا،
صحبة الأراذل تقرب من الزنا، إطلاق البصر يقرب من الزنا، تكشف المرأة يقرب من
الزنا، هذه كلها مقدمات، وضع الشهوة كهذا المثل، صخرة مستقرة في قمة الجبل، وإلى
أسفل هذا الجبل واد سحيق، أنت إذا دفعت هذه الصخرة من قمة الجبل إلى عشرة أمتار في
المنحدر، لن تقف إلا في قعر الوادي، فهذه الشهوة حينما تستثار لا تنتهي إلا
بالفاحشة، أساسها لقاء، أساسها ابتسامة، أساسها تعرٍ قليل، بدأت من هنا وانتهت
بالفاحشة، لو أن هناك عالم اجتماع يدرس تفاصيل الخيانة الزوجية أو حالات الزنا،
يجدها على هذا النمط .
لذلك جاء فى أثر
عن السيد المسيح كلمة أنا أراها رائعة جداً، قال: "الشريف من يهرب من أسباب الخطيئة".
والنبي عليه
الصلاة والسلام يقول: (إِيَّاكُمْ وَالدُّخُولَ عَلَى النِّسَاءِ فَقَالَ رَجُلٌ
مِنْ الْأَنْصَارِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَرَأَيْتَ الْحَمْو ـ أي أخ الزوج ـ
قَالَ: الْحَمْوُ الْمَوْتُ)
[متفق عليه عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ ]
لأن أخ الزوج
يحدث زوجة أخيه، يبتسم لها أحياناً، يروي لها طرفة تظنه كأخيها، وهو ليس كذلك،
أيها الأخوة، معنى الحمو بالضبط أخو الزوج وأقاربه، لذلك أنا أقول لكم: في الأعمِّ
الأغلب معظم المسلمين لم يقتلوا، ولم يزنوا، ولم يشربوا الخمر، المعظم، لكن معظم
المسلمين يقعون في مخالفات، يتوهمونها صغائر وهي عند الله كبائر .
ولذلك فإن
الإسلام يحرم الجنس خارج الزواج وكذلك الجنس بدون زواج أو الجنس بين المخطوبين،
وتوجب الشريعة الإسلامية إقامة حد الزنا على من يرتكبون هذه الأفعال .
-
تعريف الزنا
الزنا هو إقامة علاقة جنسيّة ما بين الرجل
والمرأة دون عقد زواج شرعي، ويكون شرعاً أن يدخل المرجل في المكحلة بمعنى أنّ دخول
الرجل بالمرأة يكون كدخول المرود في المكحلة، ويتوجّب أن يراهما أربعة شهود عدول،
هذا هو تعريف الزّنا بشكله العام والدقيق.
-
أقوال في الزنا : هناك البعض ممّن يستشهدون بالآية الكريمة: "
لا تقربوا الزنا "، ويستدلّ على ذلك أنّ الله حرم أي فعل أو عمل يمكن أن يقود
إلى الزنا مثل: مداعبة الرجل لعضوه الذكري، أو مداعبة المرأة لعضوها الأنثوي،
وكذلك مشاهدة الأفلام الإباحيّة، أو استراق النظر لأجساد الآخرين، ويستشهدون
بالقول: العين تزني، والقبلة، والعناق، والاحتكاك، والاختلاء بغير المحرمين يقود
إلى الزنا فهو محرم ( وكل ما ذكرناه طبعاً من وجهة نظر إسلامية فكثير من الثقافات
والشعوب لا ترى في كل ما ذكرنا أعمالاً محرمة).
-
أنواع الزنا :
-
الزنا العادي: وهو زنا الأجنبي بالأجنبيّة في يومٍ عادي.
-
الزنا بحليلة الجار: وهو من أفحش أنواع الزنا؛ فعن عبد الله بن مسعود
رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله أي الذنب أعظم؟ قال: "أن تجعل لله ندا
وهو خلقك" فقلت: ثم أي؟ قال: " أن تزاني حليلة جارك"
رواه أبو داود، وصححه الألباني .
-
الزنا بذات الرحم: ( كالأخت، والبنت، والعمة، والأم، والخالة،
والجدة، وابنة الأخ، والأخت، وابن الأخ، وابن الأخت، والخال، والعم، وزوجة الابن،
وزوج الابنة، أو زوجة الأب، وزوج الأم.
-
الزنا بأجنبية في شهر رمضان، أو الزنا في البلد الحرام يعتبران
فاحشةً مشينة.
-
الزنا بأجنبي أو أجنبيّة على سبيل القهر والإكراه والاغتصاب، عموماً
يعتبر الزنا من أخبث الذنوب؛ لأنّه يؤدّي إلى اختلاط الأنساب، ونزع العاطفة
والتواصل والأمان الأسري في المجتمع.
-
التفسير العلمى لتحريم الزنا
رحم المرآة يحتوى على شفرة هذة الشفرة عندما تتزوج المرأة وتختلى بالزوج
فإن هذة الشفرة تتبرمج على شفرة الرجل
ولذلك جعل الله شهور العدة للمرأة المطلقة والمرأة الأرملة حتى يتم تغير
الشفرة مع مرور الوقت
وعند إختلال هذة الشفرة عن طريق الإختلاء بالرجال فى أوقات كثيرة
( مثل النساء اللاتى يبيعن أنفسهن للمال )
فإن الشفرة هنا يحدث بها خلل وينتج من هنا أمراض كثيرة وعلى رأسهم مرض
نقص المناعة المكتسبة ( الإيدز )
-
من الدلالات اللغوية لألفاظ الآية الكريمة...
( وَلا
تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً) (الإسراء:32).
يقول الدكتور زغلول النجار ........ في قوله ـ تعالي ـ:( ولاتقربوا
الزنا) أمر بالابتعاد عن جميع مقدمات الزنا من التبرج والمبالغة في إبداء
الزينة, والاختلاط مع غير المحارم في غير ضرورة, والخلوة غير الشرعية,
والخضوع المتكلف في القول, وعدم غض البصر, والنهي عن مجرد الاقتراب من هذه
الجريمة البشعة ـ ألا وهي جريمة الزنا ـ هو أبلغ من النهي الوقوع فيها.
و( الزنا) هو
وطء المرأة من غير عقد شرعي.
يقال:( زنا)(
يزني) زني), و( زناء) أي فجر.
ويقال:(
زاني)( مزاناة) و( زناء) بمعني فعل الفجور والفحش.
وقد أشار القرآن
الكريم إلي هذه الفاحشة في تسعة مواضع منها:
(1) ما ينزه
عباد الرحمن عن الوقوع في هذه الجريمة النكراء وفي ذلك بقول ربنا ـ تبارك وتعالي
ـ:( وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ
الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ
يَلْقَ أَثَامًا (68) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ
مُهَانًا (69) إِلَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ
اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (70) ) (الفرقان:68 ـ70).
(2) ومنها مانزل
من هداية الله ـ تعالي ـ لعباده أمرا بالبعد عن جميع مقدمات الزنا فيقول ـ عز من
قائل ـ وسط سلسلة من الأوامر الربانية:
( وَلَا تَقْرَبُوا
الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا ) . (الإسراء:32)
(3) ومنها
ماجاء حكما لجريمة الزنا في سورة النور وذلك بقول ربنا ـ وهو أحكم الحاكمين: ( الزَّانِيَةُ
وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُم
بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ
الآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ * الزَّانِي لا
يَنكِحُ إِلاَّ زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنكِحُهَا إِلاَّ زَانٍ
أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ * وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ
ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا
تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ * إِلاَّ الَّذِينَ
تَابُوا مِن بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ) . (النور:2 ـ5)
وبالإضافة إلي
هذه الأحكام القرآنية القاطعة فإن رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ ينفي صفة
الإيمان عن الزاني وذلك بقوله الشريف, (لايسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن,
ولايشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن, ولايزني الزاني حين يزني وهو مؤمن, ولكن
أبواب التوبة معروضة) . ( البخاري,
وأبو داود, وابن ماجة).
وعن عبد الله بن
عمر ـ رضي الله عنهما ـ قال: قال ـ صلي الله عليه وسلم ـ: يامعشر المهاجرين
خمس إذا ابتليتم بهن, وأعوذ بالله أن تدركوهن: لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتي
يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين
مضوا.. ( ابن ماجه).
-
من الدلالات العلمية والتشريعية للآية الكريمة
أولا: من الأضرار الصحية للزنا:
تعتبر خلايا
التناسل أثمن الخلايا في جسم الإنسان لأنها تحمل المخزون الوراثي من لدن أبينا آدم
ـ عليه السلام ـ وحتي قيام الساعة; ومن هنا كان واجب المحافظة عليها, وعدم
التفريط فيها بوضعها في غير مواضعها الشرعية.. ومن هنا أيضا كانت إرادة الخالق ـ
سبحانه وتعالي ـ في جعل المناطق الجنسية من أكثر مناطق الجسد حساسية وعرضة للأمراض
إذا لم يحافظ عليها بعناية شديدة, ومن أخطر مايصيبها الصلات غير المشروعة بكل
صورها وأشكالها وهيئاتها, ومايتولد عنها من أمراض فتاكة تدمر الجسد تدميرا,
ومن هنا كانت حكمة تحريم الزنا وجعله من الكبائر.
-
ومن الأمراض التي تنتشر بين الزناة مايلي:
(1) مرض الزهري
:
ويظهر علي هيئة
قروح جلدية خاصة في الأعضاء التناسلية وحولها, وفي الشفاه وبين الأصابع وفي
الأغشية المخاطية بالجسم.
ويصاحب ذلك بآلام
في المفاصل وبالصداع الشديد خاصة عند النساء اللائي يضطرب عندهن الحيض, ويتساقط
الشعر من بقع متفرقة من الرأس والحاجبين, وتتشقق الأظافر. ويتطور هذا المرض
ليصل إلي الأجهزة الداخلية بالجسم مثل
الكبد والجهاز الهضمي, والعقد البلعمية فيلهبها ويؤدي الي إنتشار الأورام
المدمرة للأنسجة, وإلي ظهور التدرنات الجلدية المختلفة, والتهابات المفاصل
والعضلات, وتشوه العظام, وتدمير الجهاز العصبي والمخ. وقد يصاب المريض
باليرقان والاستسقاء في البطن, وإلي عدد من الالتهابات في أماكن مختلفة من الجسم
تنتهي بكوارث مثل فقد البصر وغيره من الحواس, وتشوهات القلب والأوردة
والشرايين, التي قد تفضي بالمصاب إلي القبر بعد معاناة وآلام لاتطاق.
وقد تنتقل هذه
الأمراض إلي النسل, فليس هناك احتمال لولادة طفل سليم من أم مصابة بمرض الزهري
أو من أب يحمل مسببات هذا المرض.
(2) مرض
السيلان :
ويصيب هذا
المرض الجهاز البولي ـ التناسلي بالتهابات شديدة تؤدي الي إفراز قيح مخاطي مع
البول, وقد تنتقل جرثومة المرض بلمس المريض أو لمس بعض ملابسه أو حاجياته.
وهذا المرض قد ينتهي بالمريض إلي العقم الكامل بعد سلسلة من الالتهات المؤلمة في
الجهاز البولي ـ التناسلي قد تنتقل إلي بقية أجهزة الجسم, وتعاني المرأة المصابة
بهذا المرض من مضاعفاته الجسدية والنفسية أضعاف أضعاف معاناة الرجل خاصة عندما تصل
الإصابة إلي الجلد وتؤدي إلي تشوهات عديدة به, أو إلي العينين فتصيبهما
بالعمي, أو إلي الأجنة في بطون الأمهات المصابات فيؤدي ذلك إلي تشوهات خلقية
عديدة, ومن أخطار هذا المرض كمونه ، بمعني عدم ظهور الأعراض الخارجية له
مباشرة, وجراثيمه كامنة في داخل جسد المصاب ينقلها إلي غيره دون علمه.
(3) مرض الحلأ
أو التقرحات الفيروسية :
ويعرف هذا المرض
أيضا باسم الحمة الحلئية ويصيب الجهاز البولي التناسلي بالتهابات مصحوبة بنزول سوائل بيضاء أو
صفراء كريهة الرائحة تلطخ الملابس الداخلية للمصابين. وتؤدي إلي زحف البثور
الناتجة عن هذه الالتهابات لتنتشر علي الجلد وتتحول بالهرش إلي جروح شديدة
الإيلام.
وفيروسات المرض
تنتقل بالعدوي, ومن أخطارها أنها تهاجم الأعصاب وتتسبب في تدميرها, فإذا وصلت إلي
النخاع الشوكي تسببت في التهاب السحايا, وإذا وصلت إلي المخ قد تؤدي إلي
الموت. ولايوجد لهذا المرض علاج ناجع إلي اليوم, حيث إن كل الأدوية المقترحة
تخفف من الآلام الناتجة عنه فقط علي المدي الطويل من التداوي دون القضاء تماما علي
فيروسه الذي يظل كامنا بجسم المصاب, وقد يؤدي إلي سرطانات الجهاز البولي
التناسلي مثل سرطانات الرحم, البروستاتا( الموثة) وغيرها.
ومن أخطار هذا
المرض أنه سريع الانتقال بالعدوي من إنسان لآخر بشكل مباشر, لأنه لا يصيب إلا
الانسان, وإذا وصلت فيروساتهHSV1,HSV2 إلي الجلد
فإنها تتكاثر بسرعة مذهلة, ومن أخطاره أيضا قدرة فيروساته علي الإختباء في داخل
جسم المصاب فلا يصلها تأثير المضادات الحيوية بسهولة. ومن أخطار هذا المرض كذلك
إمكانية إصابة الأجنة في بطون الأمهات المصابات أثناء عبورها لمنطقة عنق الرحم,
فيولد المولود فاقد البصر, أو مشوه الخلقة أو مدمر المخ.
ومع الفوضي
الجنسية التي تجتاح عالم اليوم خاصة بين المراهقين من الشبان والشابات تحت مسمي
الحرية الشخصية, والتي ساعدت علي استعارها البحوث الطبية بتوفير وسائل وأدوية
منع الحمل والسماح بالإجهاض في أغلب الدول غير المسلمة مما شجع علي ممارسة الجنس
في سن مبكرة فلا يكاد الشاب أو الشابة يصل إلي سن العشرين إلا ويكون قد أصيب بأحد
الأمراض الجنسية التي استقرت في جسده أو جسدها من الأمراض الجنسية التي انتشرت
مؤخرا كانتشار النار في الهشيم. والمصاب بها يدخل في دوامة من العلل الجسدية ومن
أبرزها العقم, وأمراض نقص المناعة والأورام السرطانية العديدة, والأمراض
النفسية التي قد يصعب التخلص منها, ومن صورها القلق, والتوتر النفسي,
والاضطراب السلوكي, والعوارض العصابية, والانهيارات النفسية وغيرها.
(4) مرض القرح
اللين:
ويظهر علي هيئة إصابات موضعية في الجلد والعقد البلعمية المجاورة خاصة في
الأعضاء التناسلية, ويظهر علي هيئة بثور صغيرة متعددة تتقرح بسرعة وتفرز مواد
قيحية, نتنة ودماء وقد تمتد لتصيب مساحات كبيرة من الجلد فتسبب آلاما مبرحة
فيه, وقد تتطور هذه التقرحات إلي التليف والتشوه مما يحتاج أحيانا إلي التدخل
الجراحي.
(5) أمراض
النمو الحبيبي التقرحي:
ويظهر علي هيئة تقرحات حبيبية أو حويصلية تصيب مساحات كبيرة من الجلد
وماتحته والأغشية المخاطية وماتحتها خاصة في الأعضاء التناسلية وماحولها إلي أعلي
الفخذين وأسفل البطن, ويصاحب هذه التقرحات إفرازات منتنة من الدماء والصديد.
وعند التئام تلك القرح تترك وراءها تليفات وندبا كبيرة مشوهة للغاية.يصعب علاجها
حتي بالتدخل الجراحي.
(6) أمراض النمو
البلعمي الالتهابي:
ويظهر علي هيئة حويصلة أو عدد من الحويصلات في جلد المناطق التناسلية يتجمع
داخلها سوائل سرعان ما تتقيح وتتحول إلي تورمات مؤلمة ناتجة عن التهاب وتضخم الغدد
البلعمية. ويكون التورم عادة في عقد متفردة تتجمع لتصبح كتلة واحدة تشكل خراجا
أو عددا من الخراجات تتحول إلي ناسور يفرز صديدا نتنا مختلطا بالدم, يصبح مركزا
للآلام الشديدة, وقد يتحول إلي تشوهات خلقية عديدة. ويصاحب هذا المرض عادة بشئ
من ارتفاع درجة حرارة الجسم, والتعرق, والغثيان, والرغبة في التقيؤ, وآلام
في الظهر والمفاصل, وانسداد في الشهية, ونقص في الوزن وشعور بالإنحلال العام
في الجسم. خاصة إذا وصلت الالتهابات إلي السحايا الدماغية, أو تحولت إلي عدد
من الأورام السرطانية.
(7) أمراض نقص
المناعة( الإيدز):
وهو أحدث وأخطر
الأمراض التي تنتقل بواسطة العلاقات الجنسية المحرمة, ويسببه مايعرف باسم فيروس
نقص المناعة في الإنسان .
ويعرف بأنه فيروس
انقلابيRetrovirus وهو من
مسببات الأمراض التي لم تكتشف إلا في سنة1983 م, وهذا الفيروس الانقلابي
لايحيا إلا في سوائل الجسم مثل الدم, والليمف والإفرازات التناسلية, وهو
لايستطيع العيش خارج جسم الإنسان لمدد طويلة, ولذلك فإنه لاينتقل إلا بالممارسات
الجنسية غير المشروعة, أو عن طريق نقل الدم.
ومن أخطار فيروس
نقص المناعة كمونه في داخل الجسم وعدم ظهور أعراضه إلا بعد فترات تطول إلي عشر
سنوات, وإن كان بعض المرضي قد يموتون بعد شهور قليلة من بداية ظهور أعراض
المرض.
ومن أخطار هذا
الفيروس أنه يدمر الجهاز المناعي للجسم ويدعه عرضة للإصابة بالأمراض, ويهاجم كلا
من الجهاز الهضمي, والتنفسي والعصبي, كما يهاجم الأجنة في بطون أمهاتها
المصابة بفيروس المرض. ويصيب المريض بالإسهال المزمن الذي يؤدي إلي جفاف الجسم
وهزاله.
كما قد ينتقل
المرض إلي الجهاز التنفسي فيصيبه بالتهابات عديدة قد تنتهي بالتدرن الرئوي(
السل), ويتسبب مرض نقص المناعة في العديد من سرطانات الجلد وأمراضه, ويهاجم
الجهاز العصبي المركزي مما يؤدي إلي أمراض عصبية ونفسية مختلفة, وقد يصل إلي
المخ فيصيبه بالالتهابات والأورام التي تنتهي بالخرف أو الموت, هذا فضلا عن
الإصابة بالعقم عند الجنسين وبالآلام المبرحة في مختلف أجزاء الجسم.
ولايوجد علاج
حقيقي لهذا المرض بعد أنفقت الولايات المتحدة وحدها(118 بليون) دولار علي مدي
عشرين سنة في محاولة للوصول إلي مصل مضاد لفيروس نقص المناعة أو واق للأجنة في
أرحام الأمهات المصابات به دون جدوي. وتقدر منظمة الصحة العالمية عدد المصابين
بهذا المرض العضال في سنة2000 م بما يتراوح بين(30 مليونا),(40 مليون)
فرد, وقد تضاعف هذا العدد في هذه الأيام أضعافا كثيرة.
وبالإضافة إلي
هذه الأمراض السبعة الخطيرة هناك أكثر من سبعين مرضا وعارضا مرضيا آخر تنقلها
العلاقات الجنسية غير المشروعة, وأغلب هذه الأمراض تسببها فيروسات, وأنواع
البكتريا, والفطريات, والطفيليات التي وهبها الخالق ـ سبحانه وتعالي ـ القدرة
علي مقاومة المضادات الحيوية التي تعالج بواسطتها. وصدق الله العظيم إذ يقول في
الفاسقين: ( وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ
لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (21) وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآَيَاتِ رَبِّهِ ثُمَّ
أَعْرَضَ عَنْهَا إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ (22) ) . (السجدة:22,21).
- ثانيا: الأضرار الأخلاقية لجريمة الزنا:
تدمر جريمة الزنا
كل الأخلاق في المجتمعات التي تنتشر فيها فتغيب الفضائل وتسود الفواحش, ويتلاشي
الحياء, وينتهي الوفاء, وتنقلب الموازين, ويسود الفساد ويمحي التراحم بين
الناس, الذين لا يتحاكمون إلا بالكذب والخيانة, والوقاحة والخديعة, والغدر
والجريمة, ولا تسيرهم إلا شهواتهم الدونية, ورغباتهم الحيوانية, ونفوسهم
الوضيعة, وأفكارهم الساقطة, وعقولهم المنحطة, وقلوبهم الميتة, التي يتحكم
فيها شياطين الإنس والجن تحكما كاملا شاملا, ومجتمع هذا شأنه مآله إلي الدمار
مهما طال به الأجل , وأفراده غارقون في بحار من التعاسة الفردية والجماعية تعجز
الألفاظ عن تصويرها.
- ثالثا: الأضرار الاجتماعية لجريمة الزنا:
مع انتشار جريمة
الزنا تتفكك العلاقات الأسرية, وتهون الأعراض, وتختلط الأنساب, وتشتعل
العداوات, وتزداد الخلافات, ويكثر أبناء الحرام, ويتشردون بين الناس,
وترتفع معدلات الجريمة, وتضيع الحقوق, وتكثر الأمراض النفسية والعضوية,
وتنتشر بين الناس أسباب البغضاء والكراهية, وتتلاشي من قلوبهم الغيرة والحمية,
وينمحي الإحساس بالعار والشعور بالذنب, فتكثر المعاصي وتنتشر, ويسود الشعور
بالدونية, وتنتشر الأمراض النفسية والاجتماعية المختلفة.
- رابعا:
الأضرار الاقتصادية لجريمة الزنا:
لجريمة الزنا من
الأضرار الاقتصادية علي مستوي الأفراد والجماعات ما لا يكاد العقل يتصوره, وتكفي
في ذلك الإشارة إلي ما ينفقه الزاني من أجل قضاء شهوته في الحرام, وأعداد
المومسات ممن لا عمل لهن سوي الغرق في الرذائل والمعاصي, وهي طاقات معطلة في أي
مجتمع تنتشر فيه هذه الجريمة وتعتمد فيه العاهرات علي دخلهن من الحرام.
كما تكفي الإشارة
إلي ما تنفقه الدول في علاج المصابين بالأمراض الجنسية, وعلي اللقطاء من أبناء
الزنا, وعلي الأيتام والمقعدين الذين أنتجتهم هذه الجريمة, وهو عبء حقيقي علي
كواهل الدول الغنية, وتدمير حقيقي لاقتصاد الدول الفقيرة.
وتكفي الإشارة
كذلك إلي أعداد المصابين بعاهات تقعد عن العمل ممن وقعوا فريسة للأمراض الجنسية,
وهم كذلك عبء حقيقي علي ميزانيات دولهم وعلي دافعي الضرائب في مجتمعاتهم, وعلي
ذويهم.
وتكفي الإشارة
إلي ظاهرة المساكنة التي انتشرت في الغرب أخيرا بشكل ملحوظ وفيها يتعايش الصديقان
معايشة الزوجية الكاملة بغير أدني رباط رسمي, وسرعان ما تنفض هذه العلاقة لأدني
الأسباب وأبسطها, بعد أن تكون قد خلفت من التبعات ما يثقل كاهل الدولة.
كما تكفي الإشارة
إلي ظاهرة الأطفال الذين ترعاهم أم دون أب, أو أب دون أم, وأعدادهم في تزايد
مستمر مع الأيام, وتكاليف إعاشتهم تثقل كاهل الدول الكبري, وتؤدي إلي كوارث
اقتصادية واجتماعية في دول العالم الثالث.
من هنا كانت روعة
التشريع الإسلامي بتحريم مجرد الاقتراب من مقدمات الزنا, وقد نجح الإسلام في
تطهير مجتمعاته من دنس هذه الجريمة, بينما غرقت الدول غير المسلمة في وحل الزنا
إلي آذانها بدعوي الحرية الشخصية..!! فالحمد لله علي نعمة الإسلام, والحمد لله
علي نعمة القرآن, والحمد لله علي بعثة الرسول الخاتم ـ صلوات الله وسلامه عليه
وعلي آله وصحبه ومن تبع هداه ودعا بدعوته إلي يوم الدين .
·
ومن هنا يجب أن نتعرف أيضاً على أنواع العلاقات المحرمة وهى :
تشير كلمة محرم
إلى المنع الديني لبعض الممارسات والتي قد تكون أيضاً لأسباب ضغوط اجتماعية. بعض
السلوك الجنسي المحرم كَان محرم منذ فجر التاريخ ولا يزال محرماً إلى يومنا هذا.
ويتضمن نكاح المحارم، والاغتصاب، بالإضافة إلى الاعتداء الجنسي على الأطفال،
الإثارة الجنسية من النظر أو ممارسة الجنس مع الجثث، والعلاقات الجنسية مع
الحيوانات.
ولقد تغيرت
النظرة لبعض أنواع الجنس التي كَانت محرمة وأصبحت تعتبر طبيعية وغير طبيعية، مثل
الاستمناء، والجنس الفموي، والشرجي، والشذوذ الجنسي، وبعض أشكال الجنس الشاذ الذي
يستند إلى الإذلال، وكذلك ممارسة الجنس مع المرأة الحائض. ويعزى هذا التغيير جزئيا
إلى قبول المجتمعات التدريجي للتجارب الجنسية غير الطبيعية وغير المؤذية بين
البالغين.
1. الاستمناء
اعتبر الاستمناء
تاريخياً من المحرمات الجنسية، ولكن اليوم ينظر إليه على نحو طبيعي من قبل تقريباً
كل السلطات الطبية وعلماء الاجتماع حتى أن أغلبية الناس باتت تفهم معنى الاستمناء
على أنه سلوك جنسي طبيعي وغير ضار. لأنه يساعد على علاج بعض المشاكل الجنسية التي
يشكو منها الرجال مثل القذف المبكر أو القذف المتأخر، بالإضافة إلى احتباس القذف.
مع ذلك فقد منعت
التوراة العهد القديم والجديد (اليهودية والمسيحية) الاستمناء واعتبرته عملاً
شريراً. وقد وصفته الكنسية الكاثوليكية على انه عمل ناقص لا يؤدي مهمة الزواج.
2.ممارسة الجنس
مع الحائض
بالرغم من أن
الحيض جزء طبيعي من الدورة التناسلية عند النساء، إلا أنه موضوع يساء فهمه. فالحيض
ببساطة هو التخلص من البطانة الرحمية التي تتشكل خلال الشهر للتحضير للحمل. وتحدث
مرة كل شهر لدى النساء ما بين أعمار 12و
48. وقديماً، اعتبرت الحائض قذرة ومسئولة عن تلويث الأطعمة، وذبول المحاصيل. وكانت
تستبعد عن الجماعة وتعامل بحذر حتى تنتهي من حيضها. وكان السبب الأساسي لهذا الخوف
هو الخوف من الدم.
ولا يجب ممارسة
الجنس مع المرأة الحائض لأنها تكون في أدنى حالة المناعة وبالتالي يمكن أن تصاب
بالعدوى بالأمراض البكتيرية والفيروسية بسرعة، كما يمكن أن تصاب بالتهابات الحوض،
أو الحمل، ويمكن أن تنقل هذه الأمراض للرجل.
3.ممارسة الجنس
مع الحيوانات والجثث
و كلاهما من
المحرمات الجنسية القوية والمحرمة بكل الأديان. وهذه الأفعال تعتبر غير شرعية في
الولايات المتحدة وفي أي مكان آخر في العالم، لأنها تقوم على ممارسة الجنس مع طرف
أخر ليس له قدرة على الرفض.
وتعتبر هذه
الممارسة محفوفة بالمخاطر لاحتمال انتشار الأمراض الجنسية الخطيرة بالإضافة إلى
نقل أمراض الحيوانات إلى الإنسان، ويخضع الأشخاص الذين تثبت عليهم هذه الممارسات
لعلاجات نفسية مطولة.
4.نكاح المحارم
وهو نكاح محرم
وغير شرعي تقريباً في كل المجتمعات. وهو الاتصال الجنسي (جنس مهبلي أو شرجي أو
شفهي، ملاطفة، أو استمناء) بين أفراد نفس العائلة. وتشمل العائلة الآباء والأشقاء،
والأجداد والأعمام والعمات وبنات الأخت وأبناء الأخ، والأقارب وفي أكثر الحالات،
أبناء العم. والعمة والخال والخالة، وهو مكروه في مجتمعات أخرى.
ويعتقد بأن تحريم
نكاح المحارم، والذي كان شائعاً سابقاً بين العائلة المالكة عبر التاريخ،
والمجتمعات الأوروبية وفي المجتمعات الأخرى له تأثيرات سلبية على التوالد والجينات
الوراثية.
فسبب العلاقات
غير الشرعية تعود للتربية ومدى اهتمام الأهل بأبناءهم وبناتهم وأن أخطر العلاقات
هي الناتجة عن الكبت المفرط وعدم تقرب الأهل من الأبناء والتفاهم معهم و خاصة
البنات مما يؤدي إلى تقربهن من الغرباء وعادة ما تستغل فطرتهن بطرق غير شرعية وأن
الزواج المبكر للفتيات في زماننا هذا غير ناحج لأن البنات غير مؤهلات لتربية الأطفال
لأنهن لم ينالن التربية الكافية والثقافة
لذلك كثير مانجد ألاف حالات الطلاق في المحاكم والحقيقة من مواليد جيل التسعينات
وهذا حرام وظلم بحق هؤلاء الفتيات فيجب على الأمهات التقرب من بناتهن والعمل على
نصحهن بالطريق الصحيح ومواصلة الدراسة والثقافة ومن ثم الزواج وذلك لكي تكون
الفتاة مؤهلة لتربية جيل بطريقة صحيحة وواعية .
وتعالوا معى
أحبابى لنتعرف على موقف الشريعة الإسلامية من
هذا الموضوع :-
·
الجنس والعلاقات الجنسية فى ضوء الشريعة الإسلامية
يعيش العالم
اليوم ثورة جنسية طاغية ، تجاوزت كل الحدود والقيود ، مما جعل القضية تطرح على
أنها أبرز إحدي القضايا وأشدها أثراً وخطراً على الكيان البشري برمته .
يقول جورج بالوشي
هورفت فى كتابه : ( الثورة الجنسية ) :
" والآن ،
وبعد أن كادت أذهاننا تكف عن الخوف من الخطر الذري ، ووجود ( عنصر السترونسيوم ـ
90 المشع ) فى عظامنا وعظام أطفالنا ، لايفتقر العالم إلى عناصر بشرية تقلق
للأهمية المتزايدة التى يكتسبها الجنس فى حياتنا اليومية ، وتشعر بالخطر إذ تري
موجة العري وغارات الجنس لاتنقطع ، ينشغل هؤلاء الناس انشغالاً جاداً بالقوة
الهائلة التى يمكن أن تصل إليها الحاجة الجنسية إذا لم يحدها الخوف من الجحيم ، أو
الأمراض السارية ، والحمل .... وفى رأيهم أن أطناناً من القنابل الجنسية تتفجر كل
يوم ، ويترتب عليها آثار تدعو إلى القلق ، قد لايجعل أطفالنا وحوشاً أخلاقية فحسب
، بل قد تشوه مجتمعات بأسرها .
وكتب جيمس رستون
: " إن خطر الطاقة الجنسية قد يكون فى نهاية الأمر أكبر من خطر الطاقة الذرية
. "
ويلفت المؤرخون
النظر إلى أن سيطرة الجنس يمكن أن تؤدي إلى تدهور الحضارات .
وهذا ما أكده
الإسلام من قبل ، حيث قال أبو بكر الصديق رضى الله عنه وأرضاه فى خطبة مبايعته
" وما تشيع الفاحشة فى قوم قط إلا عمهم الله بالبلاء " .
وقد لاحظنا أن
أمريكا وأوربا وغيرهما من بلاد العالم يشهدون منذ سنوات قريبة جنوناً جنسياً
محموماً ، سواء في عالم الأزياء والتجميل ، أو في عالم الكتب والأفلام ، أو في
عالم الواقع على كل صعيد .... حتي أصبح الجنس الشغل الشاغل لمعظم أفراد المجموعة
البشرية ، بل أضحت ممارسته والإغراق فيه الحياة وقمة الأمنيات لدي كثير من الناس
.....
فلم يعد الجنس
تلك العلاقة الحسية القائمة بين زوجين اثنين ، أو حتي بين شخصين لا يربطهما عقد
شرعي أو قانوني ، بل أضحي عالماً واسعاً بكل ما فيه من فنون ووسائل ومثيرات ؟؟؟
لقد أصبح الجنس
كالطعام مختلفة ألوانه متعددة توابله ومقبلاته ، لايخضع لذوق أو مزاج أو قاعدة ،
فضلا عن تحرره من كل عرف أو قيد .
يستحيل اليوم
السير فى أي مدينة كبيرة دون التعرض ( للقصف الجنسي ) الحقيقي ؛ إعلانات من كل حجم
، وأغلفة مصورة ، أفلام سينمائية ، صور معروضة فى مداخل علب الليل ، وآلاف من
الفتيات والنساء يرتدين ثياباً كان يمكن ان توصف بقلة الحشمة منذ أمد قريب ؟
إن اللواط
والسحاق والممارسات الجماعية للجنس والزواج التجريبي أو الحب السابق للزواج ، وإن
نوادي الشذوذ ونوادي العراة وعلب الليل ، وإن المجلات الماجنة والأفلام الجنسية
والصور الخليعة ... إلخ ، كل هذه وغيرها باتت السمة المميزة للمجتمعات البشرية فى
شتي أنحاء الأرض.
لاشك أن هذه
الثورة الجنسية المحمومة التى بدأت طلائعها منذ سنوات كانت حصاد أوضاع وقيم
عقائدية وفكرية وأخلاقية معينة ... ولم تكن هذه الظاهرة وليدة الصدفة أبداً ،
وإنما إشباعاته العضوية الغريزية دون أن يتمكن من تحقيق هذه الإشبعات .
فمنذ فترة غير وجيزة أثيرت ضجة كبري عندما وجه ( 140 ) من الأطباء
المرموقين السويديين مذكرة إلى الملك والبرلمان السويدي يطلبون فيها اتخاذ اجراءات
عاجلة للحد من الفوضي الجنسية التى تهدد حقاً حيوية الأمة وصحتها ، وطالب الأطباء
أن تسن قوانين صارمة ضد الإنحلال الجنسي .
وفي العام نفسه قامت أكثر من ( 2000 ) إمرأة
إنجليزية بحملة لتنظيف موجات الإذاعة وشاشات التلفزيون من الوحل الذي يلطخها من
خلال ما تشيعه من الجنس الرخيص .
وفي سنه 1962 صرح
الرئيس جون كينيدي بأن مستقبل أمريكا فى خطر ، لأن شبابها مائع منحل غارق فى
الشهوات لايقدر المسؤولية الملقاه على عاتقة . وإن من بين كل سبعة شبان يتقدمون
للتجنيد يوجه سته غير صالحين .... لأن الشهوات التى غرقوا فيها أفسدت لياقتهم
الطبية والنفسية .
إن تصحيح الواقع
الاجتماعي والأخلاقي لايتحقق بمجرد استهجان القبيح واستنكاره وإنما بتقويم المجتمع
وبنائه فى كافة مرافقة وشؤونه وفق نظام أخلاقي متناسق ......
·
الأخلاق والجنس :
للأخلاق فى نظر
الماديين مفاهيم غريبة لاتتفق مع ما تعارف عليه الناس ومع ما جاءت به الأديان، بل
حتي مع الحس والذوق الفطريين
تعتبر المذاهب
المادية جمعاء الجنس عملية ( بيولوجية ) بحته لا علاقة لها بالأخلاق ، كما تعتبر
أن السياسة هي سياسة بحته كذلك ولا علاقة لها بالأخلاق .
يقول دوركهايم :
" إن
الأخلاقيين يتخذون واجبات المرء نحو نفسه أساساً للأخلاق . وكذا الأمر فيما يتعلق
بالدين ، فإن الناس يرون أنه وليد الخواطر التى تثيرها القوي الطبيعية الكبري أو
بعض الشخصيات الفذة ( يعني الرسل ) لدي الإنسان ، ولكن ليس من الممكن تطبيق هذه
الطريقة على هذه الظواهر الاجتماعية اللهم إلا إذا أردنا تشوية الطبيعة " [ قواعد المنهج في علم الاجتماع ] .
ويقول فرويد :
" إن
الإنسان لايحقق ذاته بغير الاشباع الجنسي ... وكل قيد من دين أو أخلاق أو مجتمع أو
تقاليد هو قيد باطل أو مدمر لطاقة الإنسان وهو كبت غير مشروع " .
وجاء فى
بروتوكولات حكماء صهيون :
" يجب أن
نعمل لتنهار الأخلاق فى كل مكان فتسهل سيطرتنا .... إن فرويد منا وسيظل يعرض
العلاقات الجنسية فى ضوء الشمس لكي لا يبقي في نظر الشباب شيء مقدس ، ويصبح همه
الأكبر هو إرواء غرائزة الجنسية وعندئذ تنهار أخلاقه " .
وجاء فيها أيضاً
:
" لقد رتبنا
نجاح دارون وماركس ونيتشه بالترويج لآرائهم ، وإن الأثر الهدام للأخلاق الذى تنشئة
علومهم فى الفكر اليهودي واضح لنا بكل تأكيد " .
تقوم الفلسفة
الأخلاقية فى الإسلام على أساس توفيق تصريف الغرائز ، كل الغرائز وتنظيم العلائق
والتصرفات ، كل العلائق والتصرفات البشرية وفق تصور الإسلام العقيدي ووفق النظام
المنبثق عن هذا التصور .
إنه الإطار الذى
يعمل على تقنين جميع شؤون الحياة الإجتماعية منها والإقتصادية والسياسية ، الفردية
منها والجماعية وفق أسس أخلاقية ليكون التعامل بها ، وليكون الأثر الناتج عنها
أخلاقياً .
والإسلام حين يضع
للغريزة ضوابط أخلاقية معينة فإنما يفعل ذلك فى ضوء تقديره لطبيعة الكائن البشري
ولطبيعة احتياجاته العضوية والنفسية ، ولطبيعة متطلباته الروحية والبدنية ، تماماً
كما يفعل بالنسبة لغرائزه الأخري .
·
النظرية الجنسية فى الإسلام :
ينظر الإسلام إلى
الإنسان نظرة شاملة ، ينظر إليه جسماً وعقلاً وروحاً ، وذلك من خلال تكوينه
الفطري، ثم هو ينظم حياته ويعالجه على أساس هذه النظرة .
فالإسلام لم ينظر
إلى الإنسان نظرة مادية لاتتعدي هيكله الجسدي ومتطلباته الغريزية شأن المذاهب
المادية ، في حين لم يحرمه حقوقه البدنية وحاجاته العضوية .
لم يكن الإسلام
إيبيقورياً فى إطلاق الغرائز والشهوات من
غير تنظيم ولا تكييف ، ولم يكن كذلك رواقياً
فى فرض المثاليات وإعدام المتطلبات الحسية في الإنسان .
والإسلام بناء
على تصوره لطبيعة الإنسان ولاحتياجاته الفطرية ولضرورة تحقق التوازن فى إشباعاته
النفسية والحسية ، يعتبر الغريزة الجنسية إحدي الطاقات الفطرية فى تركيب الإنسان
التى يجب أن يتم تصريفها والانتفاع بها فى إطار الدور المحدد لها ، شأنها فى ذلك
شأن سائر الغرائز الأخري .
ولاشك أن استخراج
هذه الطاقة من جسم الإنسان أمر ضروري جداً ، وبالعكس فإن اختزانها فيه مضر جداً
وغير طبيعي ، ولكن بشرط الانتفاع بها وتحقيق مقاصدها الإنسانية .
وحين يعترف
الإسلام بوجود الطاقة الجنسية فى الكائن البشري ، فإنه يحدد لهذا الكائن الطريق
السليم لتصريف هذه الطاقة ، وهو طريق الزواج الذى يعتبر الطريق الأوحد المؤدي إلى
الإشباع الجنسي للفرد من غير إضرار بالمجتمع .
ويتصور الإسلام
وجود علاقة بين الرجل والمرأة على أنها الشيء الطبيعي الذى ينبغي أن يكون . فهو
يقر بأن الله قد جعل فى قلب كل منهما هوي للآخر وميلاً إليه . ولكنه يذكرهما
بأنهما يلتقيان لهدف هو حفظ النوع . وتلك حقيقة لانحسبها موضع جدال . فمن المسلم به
لدي العلم أن للوظيفة الجنسية هدفاً معلوماً ، وليست هي هدفاً بذاتها . فيقول
القرآن الكريم :
"
نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ " [ سورة البقرة الآية 223 ]
فيحدد بذلك هدف
العلاقة بين الجنسين بتلك الصور الموحية...
وربما خطر فى فكر
سائل أن يقول : " إن هدف الحياة من هذه الشهوة يتحقق سواء تيقظ إليه الفرد او
كان غارقاً فى الشهوة العمياء ، فما الفرق إذن بين هذا وذاك .
ولكن الحقيقة أن
هناك فارقاً هائلاً بين النظريتين فى واقع الشعور . فحين يؤمن الإنسان بأن للعمل
الغريزي هدفاً أسمي منه ، وليس هو هدفاً فى ذاته ، يخفف سلطان الشهوة الطاغية فى
شعوره ، فلا يتخذ تلك الصورة الجامحة التى تعذب الحس أكثر مما تتيح له المتعة
والارتياح . وليس معني ذلك أنه يقلل من لذتها الجسدية ، ولكنه على التحقيق يمنع
الإسراف الذى لايقف عند الحد المأمون .
ففي حدود الأسرة
وفى نطاق الزوجية يتيح الإسلام للطاقة الجنسية مجالها الطبيعي المعقول ، ولكنه
لايتيح لها المجال فى الشارع ، خلسة أو علانية ، وهو يري ببصيرته كيف تنحل الأمم
وتسقط حين تترك أفرادها يتهاونون فى الرذيلة دون أن تأخذ بحجزهم وتمنعهم من
الإنحدار .....
ويقول الدكتور
فريدريك كاهن : إن الزواج هو الطريق الصحيح لتصريف الطاقة الجنسية ، وهو الحل
الأوحد الجذري للمشكلة الجنسية . ويقول فى كتابه ( حياتنا الجنسية ) : " كان
البشر فى الماضي يتزوجون فى سن مبكرة ، وكان ذلك حلا صحيحاً للمشكلة الجنسية . أما
اليوم فقد أخذ سن الزواج يتأخر ، كما أن هناك أشخاصاً لا يتوانون عن تبديل خواتم
الخطبة مراراً عديدة . فالحكومات الجديرة ، لأنها تكتشف بذلك أعظم حل لمشكلة الجنس
فى عصرنا هذا .
والإسلام حينما
يعتبر الزواج الطريق الفطري الذى يحقق للطاقة الجنسية هدفها الإنساني ، فضلاً عن
تحقيقه اللذة الآتية منها ، فإنه يتوجه بقوة للحض على الزواج وتسهيله وتيسير
أسبابه .
وإلى أن تتهيأ
للشباب فرص الزواج وأسبابه ، فإن الإسلام يدعو إلى الاستعفاف ، وهو علاج مقبول
وطبيعي فى مجتمع لايترك الإنسان فريسة للقصف الغريزي المدمر ، كما هو مشاهد اليوم
فى المجتمعات البشرية كافة .
يقول الرسول صلى
الله عليه وسلم : " يامعشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج ، فإنه أغض
للبصر ، وأحصن للفرج ، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء " [ رواه البخاري ] .
ويقول عليه
الصلاة والسلام : " إذا تزوج العبد فقد استكمل نصف دينه ، فليتق الله فى
النصف الباقي " [ رواه البيهقي ]
.
ويقول صلى الله
عليه وسلم : " ثلاث حق على الله عونهم : المجاهد فى سبيل الله ، والمكاتب
الذى يريد الآداء ، والناكح الذى يريد العفاف "
[ رواه الترمذي ] .
وقال الرسول صلى
الله عليه وسلم : " من كان موسراً لأن ينكح ثم لم ينكح فليس مني " [ رواه الطبراني ] .
فالزواج هو
القناة الوحيدة التى يسمح فيها بالعلاقة الجنسية بين الجنسين .
والعلاقات
الجنسية محرمة تماما خارج إطار عقد الزوجية وتستوجب عقوبة دنيوية وعقوبة أخروية .
ويشدد الإسلام
على الوقاية من الجرائم الإجتماعية وكذلك الأمر بالنسبة للظروف والعوامل التى
تساعد على انتشار هذه الجرائم ، وتنص الشريعة الإسلامية على عقوبات شديدة ضد جرائم
الجنس كالزنا واللواط والاغتصاب ، التي ينظر إليها مخالفة للشرائع المتعلقة
بالمجتمع والعائلة .
يقول الله تعالي
: " الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي
فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُم بِهِمَا
رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ
الآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ " [ سورة النور : 2 ] .
ويقول تعالي :
" وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ
كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا "
[ سورة الإسراء : 32 ]
ويشدد قانون
العقوبات الإسلامي على استقرار وأمن العائلة والحياة الاجتماعية على حساب الحرية
الفردية غير المحدودة .
ويعتمد فى ذلك
على التوجيهات والحكمة الإلهية التى تعتبر أحسن طريق لإيجاد المجتمع والأمن والسلم
.
ومن أهم معالم
الإسلام التى أسسها النبي صلي الله عليه وسلم أنه جعل الطهارة نصف الإيمان ولا غرابة
أن يستوجب القرآن الكريم الغسل بعد الحيض والنفاس والاحتلام والجماع بين الزوجين .
ينظر الاسلام الى
العلاقة الجنسية بين الزوجين على أنها لاتهدف الى التناسل فقط ،بل هي استمتاع
فيزيائي وإشباع غريزي . والاسلام وصف الزوجين وشبه كلاً منهما بأنه لباس للآخر .
يقول الله تعالي
: " أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ
لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ
" [ سورة البقرة :
187 ] .
·
العلاقات غير الشرعية عبر الإنترنت حرام وتهدم المجتمع
الجنس الالكتروني
من الأمور التي انتشرت مع انتشار الإنترنت. وخاصة في أوساط الشباب غير القادرين
علي الزواج. كما أنه تعدي إلي المتزوجين الذين قد لا يجدون المتعة مع أزواجهم. بل
يسعي البعض إليه من باب الترفيه عن النفس وإشباع الغريزة الجنسية. ظنا أن فيه
استمتاعا بلا مشاكل حقيقة كالزني. أو الارتباط الحقيقي بين شاب وفتاة. أو ما قد
ينجم عن العلاقة المباشرة من حالات الإجهاض أو فقد عذرية الفتاة. أو انتقال بعض
الأمراض كالإيدز أو السيلان أو غيرهما من الأخطار التي تنجم عن العلاقة الجنسية
المباشرة بين الجنسين.
وقد نظم الإسلام
العلاقة بين الجنسين. وجعل العلاقة الجنسية مصونة بسياج الزواج. فكل علاقة جنسية
بين الجنسين محرمة إلا الزواج.
كما أمر الإسلام
الجنسين بالابتعاد عن كل ما يثير الغرائز. بل جاء الأمر لأمهات المؤمنين: ( فلا
تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض ) سورة الأحزاب : 32
فلا يجوز الحديث
بلين الكلام ولو كان بعيدا عن الكلام الجنسي. فكان الكلام الجنسي محرما من باب
أولي. لما قد يترتب عليه من أضرار جسيمة.
يقول الإمام ابن
كثير في تفسير قوله تعالي : ( فلا تخضعن
بالقول ) .
قال السدي وغيره
يعني بذلك ترقيق الكلام إذا خاطبن الرجال ولهذا قال تعالي : ( فيطمع الذي في قلبه مرض ) أي دغل ( وقلن قولا معروفا )
قال ابن زيد : قولا حسنا جميلا معروفا في الخير ومعني هذا
أنها تخاطب الأجانب بكلام ليس فيه ترخيم أي لا تخاطب المرأة الأجانب كما تخاطب
زوجها. انتهي
وقال الإمام
القرطبي :
أمرهن الله أن
يكون قولهن جزلا وكلامهن فصلا. ولا يكون علي وجه يظهر في القلب علاقة بما يظهر
عليه من اللين. كما كانت الحال عليه في نساء العرب من مكالمة الرجال بترخيم الصوت
ولينه. مثل كلام المريبات والمومسات. فنهاهن عن مثل هذا.
وعلي الجملة
فالقول المعروف : هو الصواب الذي لا تنكره الشريعة ولا النفوس .انتهي
وفسر البعض قوله
تعالي : ( فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي
فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ )
( الأحزاب : 32 )
أي يحدث تشوف للفجور. وهو الفسق والغزل لمن
تتحدث إليه النساء.
إن الالتجاء إلي
الجنس الالكتروني قد يفضي إلي ما يخشاه من يلجأ إليه. لأن إثارة الشهوة قد تفضي
إلي العادة السرية. أو السحاق أو اللواط. أو الزني. فتأثيره لا يقف عند حد
الخيال.وإنما قد يترجم إلي الواقع بما هو محرم شرعا.
إن المجتمع
المسلم يقوم علي العفة وصيانة المحارم.والبعد عن الرذائل. بل قد جاء الإسلام
ليحارب تلك الرذائل. فكل ما أفضي إليه.حرم شرعا.
كما أن كل ما
أفضي إلي الحرام فهو حرام. وقد حرم الله تعالي كل الوسائل المفضية إلي الزني. ولم
يجعل الزني وحده محرما. فقال تعالي )ولا تقربوا الزني )
فحرم أسبابه والدواعي التي تؤدي إليه. من النظرة
والكلام وغير ذلك.
كما أن الكلام
الجنسي قد يفضي إلي خراب البيوت. وطلاق بعض النساء من أزواجهن. كما هو الحال
المشاهد. ولا يجوز تخبيب المرأة علي زوجها. ولو بحجة أنه يريد طلاقها من
زوجها.ويتزوجها. فمثل هذا يحرم أيضا.
ويقال في الحديث
بين الجنسين:
الكلام بالمعروف
لا ينكر شرعًا. والله تعالي قد قال: ( يَا
نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدي مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلا
تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَض) .
فما دام الكلام
مشروعًا. وليست هناك خلوة. وكان الكلام في موضوعات نافعة مما يهم الطرفين. كأن
يكونا مشغولين في الأدب فيتحدثا فيها أو في شؤون المسلمين. وغيرها إذا لم يُخْشَ
من وراء ذلك فتنة. وكل إنسان أدري بنفسه. لا ينبغي أن يكون همُّ الشاب الحديث مع
الفتيات فقط. ولا يتحدث مع مثله من الشباب. وكذلك لا يكون همُّ الفتاة أن تتحدث مع
الشباب. ولا تتحدث مع مثيلاتها من الفتيات. فهنا ينبغي التفتيش في دخائل النفس»
ليعرف الإنسان حقيقة اتجاهاتها. ولا يخدع نفسه بما يعلم أنه يخالف الحقيقة. وإذا
انتهت هذه العلاقة بالزواج فلا بأس بذلك. انتهي.
وعلي الأمة أن
تسعي لتوعية الشباب والفتيات والرجال والنساء لخطر هذا الأمر. وأن يقوم علماء
النفس وعلماء الاجتماع مع علماء الشريعة ببيان خطره وأضراره.
ويجوز للحاكم
المسلم أن يعزر كل من قام بمثل هذا الفعل بعد معرفة خطرها وضررها. لأنه هدم لأخلاق
المجتمع بما يعود بالضرر علي المسلمين جميعا. بل علي الإنسانية كلها. لأن
الإنسانية في حاجة إلي حياة نظيفة لا يشوبها التفكك الاجتماعي.
وما توصل أعداء
الإنسانية والإسلام إلي درجة تفكك المجتمعات وانحلالها إلا من خلال العلاقة
الجنسية المحرمة.
·
الإعجاز التشريعي في منع الاختلاط
خلق الله تعالى المرأة
وجعلها مكملة للرجل من جوانب عديدة ومنها جانب الميل الجنسي كل منهما للآخر، فلا غنى
لأحدهما عن الآخر مهما كابر المنسلخون عن الفطرة الربانية، ومهما عاند أعداء الدين،
ومها حاول المنحرفون استبدالها بشيء آخر خلاف الفطرة وما جبل عليه الجنس البشري، وجاء
في شرعنا ما ينص على أنها شقيقة له، نعم فكل شي بحاجة إلى ما يكمله فهو ناقص لا شك،
ومن معنى المناصفة جاء لفظ الشقيق والشقيقة، فالشق والشطر يعني في لغة العرب النصف،
جاء في الحديث: «الطهور شطر الإيمان»( أخرجه مسلم في صحيحه 1/ 203، برقم : 223).
وفي مختار الصحاح:
الشق نصف الشيء ( مختار الصحاح
1/ 354 )
ومن هنا نجد أن الرجل
لا يستغني عن نصفه أبداً وإذا كابر وعاند فطرته التي فطر الله الناس عليها كانت عاقبة
ذلك وخيمة عليه وعلى المجتمع لما يسببه ذلك من خلل واضح على سلوكه ودينه، قال ابن الجوزي:
من قال إني لا أميل إلى النساء فهو أحد اثنين إما مريض أو كذاب، بل إن العاقل يرى ما
جعل الله بين هذين الجنسين من ميل لبعضهما البعض حتى كأني أشبه الحال بخاصية التجاذب
الموجودة بين معدن الحديد الممغنط.
بل إن مثل الذين يتهاونون
في الخلوة والاختلاط الآثم مثل قوم وضعوا كمية من البارود بجانب نار متوقدة ثم ادَّعوا
أن الانفجار لن يحصل لأن على البارود تحذيرا من الاشتعال والاحتراق إن هذا خيال بعيد
عن الواقع ومغالطة للنفس وطبيعة الحياة وأحداثها.
إن رسولنا وقدوتنا
صلى الله عليه وسلم لم يمنعه الحياء عن الصدع بالحق، ولم تأخذه العزة بالإثم ليمتنع
عما خالجه من تلك المشاعر الصادقة التي كانت تجول في نفسه فعبر عنها بكل صراحة ليبن
لنا أهمية ذلك المخلوق العجيب والنصف المكمل الذي لا بد لنا نحن معاشر الرجال منه فقال:
«إنما حبب إلي من دنياكم النساء والطيب وجعلت قرة عيني في الصلاة» .
( أخرجه البيهقي في سننه 7/ 78، برقم: 13232، قال الشيخ الألباني: صحيح،
1/ 544، برقم: 5435)
والشاهد كما ترى حبه
للنساء، وكان يعجبه حسنهن، قال الله تعالى له:
﴿لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاء مِن بَعْدُ وَلَا أَن تَبَدَّلَ بِهِنَّ
مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلَّا مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ وَكَانَ
اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَّقِيباً﴾ [الأحزاب: 52].
فإذا كانت الفطرة
التي فطر الله الناس عليها مغروسة في كل البشر حتى الأنبياء فهل يأتي بعد ذلك من يبيح
الاختلاط بحجة أنه قد ترفع عن هذا المستوى أو أنه صار بحكم موقعه الاجتماعي أو خبرته
في الحياة غير آبه لما يعتري غيره؟ لكن يا ترى هل ترك الخالق سبحانه عنان الفطرة مفلوتاً
وترك الحبل على الغارب؟ أم أنه سبحانه ضبط تلك الفطرة بضوابط الشرع الحكيم وأحكم انفلاتها؟
لعلنا نتطرق في هذا
البحث بشيء من الاختصار إلى بعض الضوابط والتشريعات التي بمجموعها تنص على أن منع الاختلاط
بين الرجل والمرأة أو قل إن شئت بين الذكر والأنثى هو أساس المنهج الرباني كحل أمثل
ووسيلة ناجعة لكبح جماح النفس التي لا تتوقف عند حد.
وسنستعرض في هذا البحث
ما جنت أيدي من أعرض عن منهج الله لنستخلص بعد ذلك وجه الإعجاز الذي أثمرته حصيلة تجربتين
واقعيتين الأولى ربانية والأخرى وضعية، فالحجاب وغض البصر، والنصوص التي جاء فيها التحذير
من فتنة النساء ومنع الخلوة بهن، ومنع الاختلاط في مواطن العبادة المقدسة لدى المسلمين،
وفي الطرقات، وفي أوقات العلم والتعلم، كلها ذات صلة وثيقة بمنع الاختلاط.
وفيما يلي بيان تفصيل
ذلك.
أولا: منع الاختلاط
في القرآن الكريم:
مر معنا في المقدمة
أن الاختلاط محرم في الإسلام لما يلحق من جرائه من ويلات على الفرد والمجتمع من تفسخ
وانحلال وذهاب لقيم المروءة والغيرة والعفة، ناهيك عن النتائج المترتبة عن الاختلاط
من ضياع للأعراض وانتهاك للحرمات ونشوء جيل من اللقطاء الذين لا يعرفون آباءهم، فضلا
عما ينتج بعد ذلك من مجتمع بعيد كل البعد عن قيم الأخلاق والمبادئ والدين، وأناس لا
يعرفون من الحياة سوى إشباع شهواتهم وحياة كحياة البهائم قال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ
يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا
الْأَنْهَارُ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ
وَالنَّارُ مَثْوًى لَّهُمْ﴾
[سورةمحمد: 12].
ولعل من المناسب أن
أسوق بعض النصوص الواردة في القرآن الكريم، والتي تنص على حرمة الاختلاط، فهذا يوسف
عليه السلام وهو نبي معصوم وقع في حبائل النساء بسبب الخلوة والاختلاط، ولولا حفظ الله
له لكان من الخاسرين، إلا أن الله سبحانه تداركه فلم يقع في الفاحشة، فلقد همت به وهم
بها لولا أن رأى برهان ربه، وبصرف النظر عن البرهان الذي رآه في تلك الحال إلا أن الخلوة
حصلت فآتت أكلها وأثمرت، وهذا هو القول الراجح من أقوال العلماء في تلك القصة التي
ذكرها الله تعالى في القرآن لتكون لنا عبرة وآية، حيث يقول الله تعالى: ﴿وَرَاوَدَتْهُ
الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ
لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ
الظَّالِمُونَ﴾ [يوسف: 23].
إن وجه الدلالة من
الآية أنه لما حصل اختلاط بين امرأة عزيز مصر وبين يوسف عليه السلام ظهر منها ما كان
كامناً فطلبت منه أن يوافقها، ولكن أدركه الله برحمته فعصمه منها، وذلك في قوله تعالى:
﴿فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾
[يوسف: 34]
كما يفيد قوله تعالى: ﴿لَوْلا أَن رَّأَى بُرْهَانَ
رَبِّهِ﴾ [يوسف: 24]
أن يوسف لم يهم بها
فإن (لولا) حرف امتناع لوجود، أي هم بها لولا أن رأى برهان ربه، وهو كما تقول: ضربته
لولا حيائي من أبيه، أي لم أضربه، والشاهد فإنه إذا حصل اختلاط بالنساء اختار كل من
النوعين من يهواه من النوع الآخر، فيحصل ما لا يحمد عقباه وما لم يحله الله الخالق
من هذا الوجه.
النص الآخر الذي فيه
دلالة على حرمة الاختلاط هو أمر الله تعالى الرجال بغض البصر، وأمر النساء بذلك فقال
تعالى: ﴿قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ
ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ
يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ﴾ [النور: 30، 31]
وجه الدلالة من الآيتين:
أن الله تعالى أمر المؤمنين والمؤمنات بغض البصر، وأمره يقتضي الوجوب، ثم بين تعالى
أن هذا أزكى وأطهر، ولم يعف الشارع إلا عن نظر الفجأة، فعن ابن بريدة عن أبيه قال قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا علي لا تتبع النظرة النظرة فإن لك الأولى وليست
لك الآخرة» . ( أخرجه أبو داود في سننه 1/
652، برقم: 2149، وقال الألباني: حسن لغيره، ينظر: صحيح الترغيب والترهيب، 2/ 189،
برقم: 1902).
وما أمر الله بغض
البصر إلا لأن النظر إلى من يحرم النظر إليهن زنا، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله
عليه وسلم قال: «لكل بنى آدم حظ من الزنا فالعينان تزنيان وزناهما النظر واليدان تزنيان
وزناهما البطش والرجلان يزنيان وزناهما المشي والفم يزني وزناه القبل والقلب يهوي ويتمنى
والفرج يصدق ذلك أو يكذبه»( أخرجه الإمام أحمد
في مسنده 2/ 343، برقم: 8507
قال شعيب الأرنؤوط:
إسناده صحيح على شرط مسلم) .
وإنما كان زناً لأنه
تمتع بالنظر إلى محاسن المرأة ومؤد إلى دخولها في قلب ناظرها، فتعلق في قلبه، فيسعى
إلى إيقاع الفاحشة بها، فإذا نهى الشارع عن النظر إليهن لما يؤدي إليه من المفسدة وهو
حاصل في الاختلاط، فالاختلاط من باب أولى أن ينهى عنه لأنه وسيلة إلى ما لا تحمد عقباه
من التمتع بالنظر والسعي إلى ما هو أسوأ منه.
بل إن الله تعالى
يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور ولذلك قال: ﴿وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ
مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ
لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ [النور: 31].
فلعلمه السابق بحقيقة
ما خلق حرّم أن تضرب المرأة برجلها الأرض وهي تلبس حليها لئلا يصدر الصوت الذي يتخذه
الشيطان وسيلة لتنفيذ مآربه، ووجه الدلالة من الآية أنه تعالى منع النساء من الضرب
بالأرجل وإن كان جائزاً في نفسه لئلا يكون سبباً إلى سماع الرجال صوت الخلخال فيثير
ذلك دواعي الشهوة عند الرجال، فالاختلاط أحرى أن يجتنب درأً للفتنة المتوقعة من كل
ما يثير الرجل أو المرأة على حد سواء.
ولعل الحجاب الوسيلة
الأولى من وسائل منع الاختلاط، وهي وسيلة أمرنا بها ديننا الإسلامي، فالحجاب بمعناه
اللغوي هو الحاجز الذي يمنع وصول شيء لشيء أو وصول النظر لما تحت الحجاب، وفي مختار
الصحاح: الحِجَابُ الستر وحَجَبَهُ منعه من الدخول، ومنه الحَجْبُ في الميراث والمحْجُوبُ
الضرير . (أخرجه البخاري في صحيحه 1/
295، برقم: 828).
فالحجاب هو الحاجز،
الذي يفصل بين الشيئين، وحجاب المرأة هو ما يحجزها عن نظر الرجل إلى بدنها، والغرض
معلوم: هو صون المرأة، وتزكية الرجل، وحفظ المجتمع من انتشار الرذيلة، ذلك أن انجذاب
الرجل إلى المرأة، وكما ألمحنا إلى ذلك في المقدمة، من القوة بحيث إذا لم يوضع هذا
الحاجز، خيف عليهما من الوقوع في المحرّم، فالحجاب إذن مقصوده ستر محاسن المرأة عن
الرجل، فلا يقع نظره على ما يفتنه منها، قال تعالى: ﴿إِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً
فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ﴾
[الأحزاب: 53].
وقال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ
وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى
أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً﴾ [الأحزاب: 59].
وقال تعالى: ﴿وَلْيَضْرِبْنَ
بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ
أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاء بُعُولَتِهِنَّ
أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ
أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الْإِرْبَةِ مِنَ
الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاء وَلَا
يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى
اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ [النور: 31]
وغيرها من النصوص
التي تأمر المسلمة مباشرة أو المسلم بأن يأمر من هي في ولايته أن تلبس هذا اللباس الجميل
الذي يزيدها حياءا إلى حياءها، وهل جمال المرأة إلا في حياءها، فالحياء خير كله، وبه
يستقيم الناس ذكورا وإناثا على حد سواء وصدق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حين
قال: «إن مما أدرك الناس من كلام النبوة إذا لم تستحي فاصنع ما شئت»
( أخرجه البخاري في صحيحه 3/ 1284، برقم: 3296)
فالحجاب يحجبها عن
نصفها الآخر درءاً للفتنة، وجلبا للمصلحة وهي حجب مفاتن هذه الأنثى الضعيفة التي لا
تملك لنفسها حولا ولا قوة في حال تهجّم عليها من غلبت في داخله الشهوة العارمة واستفحلت
في نفسه الشراسة البهيمية الحيوانية.
وأما قوله تعالى:
﴿يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ﴾ [غافر: 19]
فقد فسرها ابن عباس
وغيره: هو الرجل يدخل على أهل البيت بيتهم وفيهم المرأة الحسناء أو تمر به وبهم المرأة
الحسناء فإذا غفلوا لحظ إليها فإذا فطنوا غض بصره عنها فإذا غفلوا لحظ فإذا فطنوا غض
وقد اطلع الله تعالى من قلبه أنه ود أن لو اطلع على فرجها . (تفسير ابن كثير 4/ 96 )
وجه الدلالة أن الله
تعالى وصف العين التي تسارق النظر إلى مالا يحل النظر إليه من النساء بأنها خائنة،
فكيف بالاختلاط، الذي لا يبقى معه لا خائنة أعين ولا خفي في الصدور بل إن الشيطان يستريح
من عناء الإغواء في حال الاختلاط وتقر عينه لأنه يرى أن جنوده وأعوانه وأتباعه صاروا
في غنى عن مساعيه ووسائله ومكائده بل صاروا هم الشياطين أنفسهم ولما كان الاختلاط وما
يجره من مفاسد لا يقف عند حد! ولما كان من أسباب الاختلاط هو النصف الآخر أو عنصر النساء
فقد أمر الله سبحانه وتعالى بأن تمتنع المرأة من الخروج من بيتها وهو ما يناسب فطرتها
وخلقتها إلا لضرورة وضمن ضوابط الشرع، قال تعالى:
﴿وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ
وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ
الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ﴾ . [الأحزاب: 33]
وجه الدلالة من الآية:
أن الله تعالى أمر أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم الطاهرات المطهرات الطيبات بلزوم
بيوتهن، وهذا الخطاب عام لغيرهن من نساء المسلمين، كما تقرر في علم الأصول أن خطاب
المواجهة يعم إلا ما دل الدليل على تخصيصه، وليس هناك دليل يدل على الخصوص، فإذا كن
مأمورات بلزوم البيوت إلا إذا اقتضت الضرورة خروجهن، فكيف بالاختلاط؟
( رسالة في الاختلاط
لسماحة الشيخ/ محمد بن إبراهيم آل الشيخ).
ثانياً: منع الاختلاط
من السنة النبوية المطهرة:
المرأة عورة من حيث
الحكم الشرعي في ديننا الإسلامي الحنيف، وهذا الأمر لا يختلف فيه اثنان، ففي الحديث
عن عبد الله: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «المرأة عورة فإذا خرجت استشرفها الشيطان»
( أخرجه الترمذي في
صحيحه 3/ 476، برقم: 1173، وقال الألباني: صحيح، ينظر الجامع الصغير وزيادته، برقم:
11636).
والعَوْرَةُ سوءة
الإنسان وكل ما يستحيا منه (مختار الصحاح 1/
467) إذا ظهر، فجعلها نفسها عورة إذا ظهرت
يستحى منها كما يستحى من العورة إذا ظهرت، فإذا كانت المرأة عورة ومدعاة للريبة والشهوة
كلما خرجت أو استشرفت كان حري بها أن تمتنع عن مواطن الاختلاط حفاظا على نفسها ودينها
وعلى غيرها من أن يفتتن بها لا سيما وهن حبائل الشيطان وجندي من جنوده إن هي عصت ربها،
أما إذا كشفت شيء من زينتها ولم تستح فليس ذلك قدح في الحديث حاشا، وإنما القدح فيها
هي لأنها لم تستح، وقد تقدم في الحديث أن من لم يستح يصنع ما يشاء، ويجب عليها التستر
في جميع بدنها، لأن كشف ذلك أو شيء منه يؤدي إلى النظر إليها، والنظر إليها يؤدي إلى
تعلق القلب بها، ثم تبذل الأسباب للحصول عليها، وذلك الاختلاط.
روى الإمام أحمد عن
أم حميد امرأة أبي حميد الساعدي رضي الله عنهما أنها جاءت النبي صلى الله عليه وسلم،
فقالت: يا رسول الله: إني أحب الصلاة معك، قال: «قد علمت أنك تحبين الصلاة معي، وصلاتك
في بيتك خير من صلاتك في حجرتك، وصلاتك في حجرتك خير من صلاتك في دارك، وصلاتك في دارك
خير من صلاتك في مسجد قومك، وصلاتك في مسجد قومك خير من صلاتك في مسجدي»( أخرجه ابن خزيمة في صحيحه 3/ 95، برقم: 1689 وقال الألباني: حسن، ينظر:
صحيح الترغيب والترهيب، 1/ 82، برقم: 340)، قالت: فأمرت فبني لها مسجد في أقصى بيت من بيوتها وأظلمه، فكانت والله
تصلي فيه حتى ماتت، فضربت بفعلها مثالا للعفيفات الطاهرات وصارت مثالا يحتذى به، وعن
أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: «إن أحب صلاة تصليها المرأة إلى
الله أن تصلي في أشد مكان من بيتها ظلمة»
( أخرجه ابن خزيمة
في صحيحه 3/ 96، برقم: 1692 وقال الألباني في تخريجه لأحاديثه: حسن).
يدل هذان الحديثان
على أن صلاة المرأة في بيتها أفضل من صلاتها في المسجد، وجه الدلالة: أنه إذا شرع في
حقها أن تصلي في بيتها وأنه أفضل حتى من الصلاة في مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم
ومعه، فإن منع الاختلاط من باب أولى، فلا يقول عاقل أن الصلاة ومواضع العبادة لا يصح
فيها الاختلاط ويصح في مكان آخر!
بل إن الشرع قد منع
الاختلاط وإن كان في حال التلبس بالعبادة التي هي أحب شيء إلى الله تعالى ولم يجز الاختلاط
في حال الصلاة التي هي صلة بين العبد وربه، ومعلوم أن الصلاة عبادة تشتمل على شعائر
وحركات لا يمكن معها للمسلم وهو متلبس بها أن يحدث غيرها من الحركات وإلا فإنها تبطل،
وليس كما هي حال الصلاة عند أصحاب الأديان الأخرى التي لا تكاد تفرق فيها بين من يصلي
أو هو قائم يبول أو يتحدث مع صاحبه، ومع ذلك جاءت النصوص الكثيرة التي تمنع من اختلاط
الرجل بالمرأة، ومنها: ما رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم: «خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها»
( أخرجه مسلم في صحيحه 1/ 326، برقم: 440 )
وجه الدلالة: المسجد
فإنهن ينفصلن عن الجماعة على حدة، ثم وصف أول صفوفهن بالشر والمؤخر منهن بالخير، وما
ذلك إلا لبعد المتأخرات عن الرجال عن مخالطتهم ورؤيتهم وتعلق القلب بهم عند رؤية حركاتهم
وسماع كلامهم، وذم أول صفوفهن لحصول عكس ذلك، ووصف آخر صفوف الرجال بالشر إذا كان معهم
نساء في المسجد لفوات التقدم والقرب من الإمام وقربه من النساء اللاتي يشغلن البال
وربما أفسدت به العبادة وشوشن النية والخشوع، فإذا كان الشارع توقع حصول ذلك في مواطن
العبادة مع أنه لم يحصل اختلاط، فحصول ذلك إذا وقع اختلاط من باب أولى، فيمنع الاختلاط
من باب أولى.
ولعل أفضل ما يستدل
به على منع الاختلاط هو وصف المرأة بالفتنة فقد روى أسامة بن زيد، عن النبي صلى الله
عليه وسلم أنه قال: «ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء» ( أخرجه البخاري في صحيحه 5/ 1959، برقم: 4808).
وعن أبي سعيد الخدري
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الدنيا حلوة خضرة وإن الله مستخلفكم فيها فينظر
كيف تعملون فاتقوا الدنيا واتقوا النساء فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء»
( أخرجه مسلم في صحيحه
4/ 2098، برقم: 2742)
وجه الدلالة: أنه
وصفهن بأنهن فتنة، وأمر باتقائهن وهو أمر يقتضي الوجوب، فإنه يستحيل أن يحصل الامتثال
مع الاختلاط؟ ولا يصح الجمع بين الفاتن والمفتون في مكان واحد؟ وهو ما يسمى بالاختلاط؟
وقال رسول الله صلى
الله عليه وآله وسلم وهو خارج من المسجد حين اختلط الرجال مع النساء في الطريق: «استأخرن
فإنه ليس لكن أن تحققن الطريق، عليكن بحافات الطريق»فكانت المرأت تلصق بالجدار حتى
أن ثوبها ليتعلق بالجدار من لصوقها.
(أخرجه الطبراني في
المعجم الكبير 19/ 261، برقم: 580، وقال الألباني: حسن، ينظر: السلسلة الصحيحة 2/
511، برقم: 856).
وجه الدلالة: أن الرسول
صلى الله عليه وسلم إذا منعهن من الاختلاط في الطريق لأنه يؤدي إلى الافتنان، فكيف
يقال بجواز الاختلاط في غير ذلك؟ روى البخاري عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: كان رسول
الله صلى الله عليه وسلم إذا سلم قام النساء حين يقضي تسليمه ويمكث هو في مقامه يسيراً
قبل أن يقوم. قال نرى -والله أعلم- أن ذلك كان لكي ينصرف النساء قبل أن يدركهن أحد
من الرجال (أخرجه البخاري في صحيحه 1/
296، برقم: 832).
وفي رواية عن الزهري
قال: «حدثتني هند بنت الحارث أن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أخبرتها أن النساء
في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم كن إذا سلَّمن من المكتوبة قمن وثبت رسول الله
صلى الله عليه وسلم ومن صلى من الرجال ما شاء الله فإذا قام رسول الله صلى الله عليه
وسلم قام الرجال»( أخرجه البخاري في
صحيحه 1/ 296، برقم: 832 )
وجه الدلالة: أن رسول
الله علّم أصحابه وأدبهم بأدب الإسلام ومن هذه الآداب منع اختلاطهم بالنساء في المسجد
وهو مكان الصلاة والعبادة، ففي غيره أولى وآكد أن يكون منع الاختلاط شعارا لكل مسلم
متأدب بأدب الإسلام ومتخلق بأخلاق سيد المرسلين.
-
نتائج الاختلاط في الواقع:
فيما تقدم من النصوص
والأدلة ما يكفي لمعرفة حكم الاختلاط في دين الإسلام، حيث لم يبق أدنى شك في أن الاختلاط
وكما مر معنا سلوك ينافي الشرع والفطرة، والمعاند في ذلك أحد اثنين:
1. ممسوخ الفطرة ولا
أقول جاهل لأن الجهل وحده لا يعارض الفطرة التي فطر الله الناس عليها، أرأيت الطفل
الصغير وهو يرى شابا يقبّل فتاتاً كيف يحني رأسه حياءا، ويحمر وجهه؟ إن لم تر ذلك فانظر
لأختك الصغيرة أو أخيك الصغير كيف يفعل ذلك حين يرى أباه يقبل أمه لأول مرة أو بعدها
بمرات ولكنه حين يألف المشهد يصير عنده الأمر غير ذي أهيمة تذكر، وهكذا في كل ما يخالف
الفطرة ويضادها وقس على ذلك، إنها الفطرة والفطرة وحدها هي التي حركت فيه ذلك السلوك
الطاهر الذي ظهر على شكل حركة استحياء وخجل، ولم يكن جهله بالحكم الشرعي عائقا دون
ذلك.
2. والآخر من المعاندين
هو مكابر أو قل إن شئت هو مستكبر لا يريد أن يجانب الحق ولا أن يعترف لأهله بالغلبة،
إنه من صنف المستكبرين الذين وصفهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «الكبر بطر
الحق وغمط الناس»( أخرجه مسلم في صحيحه
1/ 93، برقم: 91).
ولنعد الآن إلى موضوعنا
ولنحاول أن نسرد شيء من واقع أولئك الذين حاربوا الفطرة، وكابروا الحق، وتنكروا لدينهم
إن كانوا مسلمين أو عارضوه بالكلية إن كانوا كافرين، لنر ماذا صنع بهم الاختلاط وماذا
جنى مناصريه من ويلات، وماذا أثمرت تجاربهم عن نتائج بهذا الخصوص.
إن المؤسسات التعليمية،
لا يمكن أن تحقق أهدافها ومقاصدها التربوية والاجتماعية والحضارية، إلا في ظل شروط
معينة ومواصفات محددة تجعل منها فضاءًا خلاقاً للأخذ والعطاء، تتفتق فيه المواهب وتجد
فسحتها ومجالها الرحب، ولا ريب أن على رأس تلك الشروط، جعل المحيط المدرسي محيطا يتسم
بالنقاء والبعد عن المثيرات والمشوشات التي تطمس الفكر وتعوق عملية الإبداع عن أن تسير
في مجالها الصحيح.
نتائج دراسة غربية
نشرت في 8 يوليو 2002م قامت بها هيئة حكومية بريطانية تدعى المؤسسة الوطنية للبحث التعليمي
والتي أجريت على 2954 مدرسة ثانوية في انجلترا، وأوضحت هذه الدراسة نتائج مهمة أبرزها
أن أداء الطلبة الذكور والإناث كان أفضل دراسيا في المدارس غير المختلطة، الفتيات كن
أكثر استفادة من الفصل بين الجنسين في تنمية أدائهن.
كذلك وجد من تحليل
نتائج الامتحانات البريطانية العامة أن المدارس غير المختلطة تحقق أفضل النتائج وأعلاها
بشكل روتيني، ففي سنة 2001م كان العشرون الأوائل في امتحانات المدارس البريطانية من
طلاب المدارس غير المختلطة، وأغلب الخمسين الأوائل من الدارسين في تلك المدارس.
يضاف إلى ذلك تجارب
علمية تم القيام بها في بعض المدارس أكدت أن التعليم غير المختلط أفضل بكثير من التعليم
المختلط. فقد تم تحويل مدارس مختلطة إلى مدارس غير مختلطة يفصل فيها بين الجنسين، لكن
مع بقاء نفس الطلاب ونفس المدرسين ونفس المنهج ونفس الإمكانيات .
(آفة الاختلاط في
المجتمع المسلم، الشبكة الإسلامية عبد المجيد بن مسعود ).
ونتيجة للاختلاط الكائن
بين الطلاب والطالبات في المدارس والجامعات ذكرت جريدة لبنانية: أن الطالبة في المدرسة
والجامعة لا تفكر إلا بعواطفها والوسائل التي تتجاوب مع هذه العاطفة، وأن أكثر من ستين
في المائة من الطالبات سقطن في الامتحانات، وتعود أسباب الفشل إلى أنهن يفكرن في الجنس
أكثر من دروسهن وحتى مستقبلهن، وهذا مصداق لما يذهب إليه الدكتور ألكس كارليل إذ يقول:
عندما تتحرك الغريزة الجنسية لدى الإنسان تفرز نوعاً من المادة التي تتسرب في الدم
إلى دماغه وتخدره فلا يعود قادراً على التفكير الصافي .
إن الأمم الغربية
بدأت تعمل على الفصل بين الجنسين في كليات كثيرة بلغت المائة في الولايات المتحدة الأمريكية،
وبلغت أعدادا كثيرة في أوربا، عدا المدارس العامة، وذلك الفصل جاء بعد وقوف كامل على
المشاكل التي جنيت من وراء الاختلاط، من زنا وشذوذ جنسي، لواط وسحاق، وأمراض، وانتهاك
لمكانة المرأة، من قبل من لا ينظر إليها إلا نظر شهوة.
لقد أثبتت التجارب
والمشاهدات الواقعية، أن اختلاط الرجال بالنساء يثير في النفس الغريزة الجنسية بصورة
تهدد كيان المجتمع، كما ذكر أحد العلماء الأمريكيين جورج بالوشي في كتاب الثورة الجنسية
وقال بأن الرئيس الأمريكي الراحل كنيدي قد صرح عام 1962 بأن مستقبل أمريكا في خطر لأن
شبابها مائع منحل غارق في الشهوات لا يقدّر المسئولية الملقاة على عاتقه وأن من بين
كل سبعة شبان يتقدمون للتجنيد يوجد ستة غير صالحين لأن الشهوات التي أغرقوا فيها أفسدت
لياقتهم الطبية والنفسية.
ويؤكد الباحث بيتر
بونس بعد أبحاث عديدة له أن الطالبات يتفوقن على الطلاب في مرحلة الدراسة الابتدائية
(غير المختلطة) في كثير من فروع العلوم والمعرفة، فهن: (أكثر قدرة على الكتابة بشكل
جيد، ويحصلن على علامات نهائية أفضل ) . (مراهقة بلا أزمة: أكرم رضا 2/ 214) .
في حين أن التفوق
في هذه القدرة ينحدر في الفصول المختلطة، حيث تنهمك الفتاة في إثبات نضوجها المبكر
وتحقيق أنوثتها أمام الجنس الآخر، ويؤكد ميشل فيز الباحث في المركز (الوطني) للأبحاث
العلمية والمستشار السابق لوزير الشباب والرياضة في فرنسا أن المراهقين في الفصول المختلطة
يقرؤون النصوص بصعوبة، وذلك من خلال تحقيقٍ أجرته منظمة التجارة والتنمية الاقتصادية
سنة 2000م، ويقول مرغباً في التعليم المنفصل: (إن الفصل بين الذكور والإناث في التعليم
يسمح بفرص أكبر للطلبة للتعبير عن إمكانياتهم الذاتية، ولهذا نطالب بتطبيق النظام غير
المختلط من أجل الحصول على نتائج دراسية أفضل.
وذكرت الباحثة كارلوس
شوستر خبيرة التربية الألمانية أن توحُّد نوع الجنس في المدارس البنين في مدارس البنين،
والبنات في مدارس البنات يؤدي إلى استعلاء روح المنافسة بين التلاميذ، أما الاختلاط
فيلغي هذا الدافع . (الغرب يتراجع عن
الاختلاط: بفرلي شو:، ترجمة: وجيه عبد الرحمن، ص 26).
كما أظهرت دراسة أجرتها
الوكالة التربوية الأمريكية أن الفتيات الأمريكيات في الفصول المختلطة أكثر عرضة للإصابة
بالقلق والاكتئاب والتفكير في الانتحار! بل الإقدام عليه؛ ففي المدارس الحكومية المختلطة
تصاب واحدة من بين كل ثلاث فتيات في سنِّ الثانية عشرة بالقلق، وتصاب الثانية بالاكتئاب
وتصبح فريسة لأعراضه السوداء(مراهقة بلا
أزمة: أكرم رضا 2/ 214 ـ 215).
ومن أجل البحث عن
حلول لمثل هذه الأمـراض النـفسية تلاحقت الأبحاث والدراسات؛ فقام كلٌّ من بريك و ولي
بإجراء دراسة على 2500 طالبة تمَّ اختبارهن بشكل عشوائي؛ لتدريسهن في فصول مماثلة ومعزولة
عن الطلبة، وأثبتت نتائج الدراسة أن الطالبات يحصلن على نتائج أفضل في الجو المنفصل
عن الذكور، وأنهن داومْنَ على التحصيل العلمي المتميز حتى في المرحلة الجامعية، وكنَّ
أكثر نضجاً وأقدر على التعامل مع الجو الأكاديمي (المختلط) في السنوات الجامعية، دون
أي مشكلات نفسية أو عصبية، كما استطعْنَ بسهولة الحصول على وظائف أفضل ودَخْل أعلى
بعد إنهاء الدراسة الجامعية . (المصدر السابق).
وقامت مدرسة (شنفيلد)
الثانوية في مقاطعة (إيسكس) البريطانية بتنظيم فصول تضم طلاباً من جنس واحد منذ عام
1994م، وكانت النتيجة حدوث تحسُّن متواصل في نتائج الاختبارات لدى الجنسين؛ ففي اللغة
الإنجليزية ارتفع عدد الطلاب الحاصلين على تقديرات ممتاز وجيد جداً في اختبارات الثانوية
العامة بنسبة (26%)، بينما ارتفع عدد الحاصلات على هذه التقديرات بنسبة (22%).
وبسبب مثل هذه النتائج
أعلنت إدارة الرئيس الأمريكي بوش الابن تشجيعها لمشروع الفصل بين الجنسين في المدارس
العامة، وصدر إعلان عن هذا المشروع في 8 مايو 2003م في السجل الفيدرالي (الصحيفة الرسمية
الأمريكية)( صحيفة الوطن، مايو 2004).
وجاء في الصحيفة الرسمية
أيضاً أن وزير التربية ينوي اقتراح تعديلات لـ (التنظيمات المطبقة) تهدف إلى توفير
هامش مبادرة أوسع للمربين من أجل إقامة صفوف ومدارس غير مختلطة، وتابعت الصحيفة: إن
الهدف من هذا الإجراء هو توفير وسائل جديدة فُضْلى لمساعدة التلاميذ على الانكباب على
الدراسة وتحقيق نتائج أفضل، وأوضح مسؤول كبير في البيت الأبيض أن المدارس الابتدائية
والثانوية التي تودُّ الفصل بين الجنسين ستُمنَح تمويلاً يفوق المدارس التي ستختار
الإبقاء على النظام المختلط.
وقد أصدر وزير التربية
في الولايات المتحدة الأمريكية بياناً صحفياً بتاريخ 8/ 5/ 2002م، أعرب فيه عن نية
وزارته إبداء مرونة أكبر في مسألة السماح بافتتاح مدارس الجنس الواحد، وقد طلب من أولياء
أمور الطلاب والطالبات تزويد الوزارة بآرائهم فيما يخص هذا الموضوع.
وقد نشرت صحيفة واشنطن
بوست مقالاً مطولاً تناول هذا الموضوع بتاريخ 14/ 5/ 2002م، وأوردت فيه الصحيفة تعليقاً
لافتاً لمدير إحدى المدارس يقول فيه بعد أن ضاق ذرعاً بمشكلات الطلاب في مدرسته: على
الأولاد أن يتعلموا كيف يكونون أولاداً، وعلى البنات أن يتعلمن كيف يكنَّ بناتٍ، ولن
يستطيعوا أن يفعلوا ذلك في الغرفة نفسها، وهذا يوافق الحقيقة العلمية التي أعلنها الدكتور
(ألكسس كاريل) بقوله: (عندما تتحرك الغريزة الجنسية لدى الإنسان، تفرز نوعاً من المادة
تتسرب في الدم إلى الدماغ وتخدره فلا يعود قادراً على التفكير الصافي)( الفصل بين الجنسين في التعليم بين الشريعة الإسلامية والدراسات الإنسانية
محمد مسعد ياقوت).
وجه الإعجاز:
لقد كانت مجتمعاتنا
الإسلامية في منأى عن كثير من الفواجع والويلات لو أنها اتبعت كتاب ربها سبحانه وتعالى
وسنة نبيه الكريم عليه الصلاة والسلام ولكنها أبت إلا أن تعرض عن هدي ربها، وأن تنغمس
بوعي أو بغير وعي في تجارب من نسج البشر، وأنظمة ومناهج شاردة، فكان ما كان،
يقول الله سبحانه وتعالى: ﴿أَوَ مَن كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا
لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ
مِّنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ﴾ [الأنعام: 122].
إن دعاة الاختلاط
لا تسوقهم عقولهم، وإنما تسوقهم شهواتهم، وهم يبتعدون عن الاعتبار بما وصلت إليه الشعوب
التي تبيح الاختلاط والتحرر في العلاقات الاجتماعية بين الرجل والمرأة، من ذلك ما أورده
تقرير لجنة الكونجرس الأمريكية عن تحقيق جرائم الأحداث، من أن أهم أسبابها الاختلاط
بين الشباب من الجنسين بصورة كبيرة، وغير ذلك من شواهد يومية، مما يعد إطارا منهجيا
في تحديد مجالات العلاقات الاجتماعية بوجه عام، وبين الرجل والمرأة بوجه خاص، ثم إن
الاختلاط من أعظم آثاره تلاشي الحياء الذي يعتبر سياجا لصيانة وعصمة المرأة بوجه خاص،
ويؤدى إلى انحرافات سلوكية تبيح تقليد الغير تحت شعار التحرر والحرية، ولقد ثبت من
خلال فحص كثير من الجرائم الخلقية أن الاختلاط المباح هو المسئول الأول عنها(المرجع
السابق).
وإذا وقفت على جريمة
فيها نهش العرض وذبح فيها العفاف وأهدر فيها الشرف؛ ثم فتشت عن الخيوط الأولى التي
نسجت هذه الجريمة فإنك حتما ستجد أن هناك ثغرة حصلت في السد المنيع الذي وضعه العليم
الخبير بما أنزله من تشريع محكم بصدد طبيعة العلاقة بين الرجال والنساء، ومن خلال هذه
الثغرة دخل الشيطان
(الدكتور محمد إسماعيل المقدم).
إن الإحصائيات الواقعية
في كل البلاد التي شاع فيها الاختلاط ناطقة بخطر الاختلاط على الدنيا والدين، لخصها
العلامة أحمد وفيق باشا العثماني الذي كان سريع الخاطر، حاضر الجواب، عندما سأله أحدهم
وهو من رجال السياسة في أوروبا في مجلس بإحدى تلك العواصم قائلا: "لماذا تبقى
نساء الشرق محتجبات في بيوتهن مدى حياتهن من غير أن يخالطن الرجال ويغشين مجامعهن؟"
فأجابه في الحال قائلاً: "لأنهن لا يرغبن أن يلدن من غير أزواجهن" فسكت على
مضض كأنه ألقم الحجر فتبا لهؤلاء المستغربين وسحقا لعبيد المدنية الزائفة الذين أطلقوا
لبناتهم ونسائهم العنان مدعين أن الظروف قد تغيرت وأن ما اكتسبته المرأة من التعليم
وما أخذته من الحرية؛ يجعلها موضع ثقة أبيها وزوجها؛ فما هذا إلا فكر خبيث وفد إلينا
ليفسد حياتنا، وما هي إلا حجج واهية ينطق بها الشيطان على ألسنة هؤلاء الذين انعدمت
عندهم غيرة الرجولة والشهامة فضلا عن كرامة المسلم ونخوته ومروءته، وصدق الله العظيم
حيث يقول :
﴿إِنَّ الَّذِينَ
يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ
فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾ [النور: 19].
وحسبنا مما تقدم إعجازا
علميا على صدق الوحي وتيه الأفكار الوضعية العقيمة التي لم تحصد سوى الحيرة والضلال
والشقاء وصدق الله القائل :
﴿سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا
فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ
يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ﴾ [فصلت: 53].
·
إعجاز التشريع الإسلامي في محاربة الزنا و التحرش الجنسي
الإسلام دين كل زمان
و مكان لأنه من الله العليم الخبير الذي يعرف النفس البشرية حق المعرفة لأنه خالقها
و بالتالي يعرف ما يصلحها
{أَلَا يَعْلَمُ مَنْ
خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ } الملك : 14
فالقانون الرباني ينظر للمشكلة بنظرة شاملة, فكان
له مع حماية الأعراض شأن آخر يقوم علي فهم طبيعة و احتياجات النفس البشرية .
قال تعالي :
{زُيِّنَ لِلنَّاسِ
حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ
الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ
مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ } آل عمران : 14
و الشهوة في ذاتها ليست خطأ بل هي جبلة في الإنسان,
و لكن حب الشهوة و تزيينها للعقل هو الخطأ, و ليس أعظم في تزيينها
و تأجيجها في النفوس
من الاختلاط الذي يحرك الشهوات الكامنة. نجد أن الإسلام تعامل مع هذه المشكلة بالترهيب
من العقوبة المشددة, و بالوقاية من خلال التربية الإسلامية الصحيحة التي تقنن الشهوة
و لا تكبتها, فتشجع علي الزواج و تمنع العلاقات الجنسية غير المشروعة و ما يؤدي إليها
.
أولاً:
العقوبات الرادعة :
بدأ الإسلام بفرض
العقوبات المشددة لمنع الزنا و التحرشات الجنسية, فمن اللافت للنظر أن سورة النور في
حربها علي الفاحشة لم تبدأ ببيان فضل العفاف وذكر محاسنه والتنفير من ضده، بل ولم تخوف
الزاني بعقاب الآخرة، و لكن بدأت ببيان عقوبات الزناة
و خوض الألسنة في
أعراض المحصنات و الذين يحبون إشاعة الفاحشة في الذين آمنوا, فقال تعالي في عقوبة الزناة
(الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كل واحد منهما مائة جلدة) ، مع المبالغة في التنكيل بهم (وَلَا تَأْخُذْكُمْ
بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ), و التشهير بهم (وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ
مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) النور : 2
و منعهم من زواج أهل العفة (الزَّانِي لَا يَنْكِحُ
إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ
مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ) النور : 3
وقال تعالي في عقوبة خوض اللسان في الفواحش و قذف
المحصنات (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ
شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً
وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) النور : 4
و قال الله في عقوبة الذين يحبون أن تشيع الفاحشة
في الذين آمنوا
(إِنَّ الَّذِينَ
يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ
فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) النور :19
فإن قيل فأين التخويف
بعذاب الآخرة بدلا من شدة العقوبة في الدنيا ؟ فالجواب أنه قد جاء كثيرا في ثنايا السورة
و في غيرها، و لكن الفاحشة إذا فارت في القلب طغت على نور العقل, فقلما يردعها تذكر
الآخرة إلا عند عباد الله المخلصين ، بينما الخوف من الجلد والفضيحة والخوف من نبذ
المجتمع ينزع الله به مالا ينزع بالقرآن.
ثم جعل الله حد الحرابة
لمعاقبة كل من سولت له نفسه سفك الدماء وسلب الأموال وهتك الأعراض وإهلاك الحرث والنسل,
و التحرش بالنساء يتضمّن إفسادًا في الأرض ، بحسبانه متضمنًا قطع الطريق علي المتحرَّش
بها، أو إلجائها إلي الطريق الضيقة بغية النيل منها أو سماعها ما تكره ، أو إجبارها
علي الرضوخ له بطريقة أو أخرى ، وقد يتضمن إخافتها أو إرعابها لتحقيق مقصوده ، وذلك
يكوِّن جريمة حرابة متكاملة الأركان، ولذا فإنه يرد في حق المتحرشين بالنساء العقوبتان
الدنيوية والأخروية الواردتان في قول الله تعالي : {إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ
اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ
أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ
ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ
} المائدة : 33
و ذلك لقطع دابر هذه الجريمة من المجتمع.
ثانياً: الوقاية من
خلال تربية النفوس علي العفة
بعد أن بين الله كيف نطهر المجتمع
من الفواحش بتطبيق العقوبات المشددة, انتقلت الشريعة الإسلامية إلي المرحلة التالية
من إشاعة نور العفة بين الناس لكي تحول بينهم و بين الوقوع في الشهوات و العقوبات,
فدعت إلي تخفيف نار الشهوة في النفوس بنهيها عن إتباع خطوات الشيطان التي تأمر بالفاحشة
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَن يَتَّبِعْ
خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَوْلَا فَضْلُ
اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ أَبَداً وَلَكِنَّ
اللَّهَ يُزَكِّي مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) النور : 21
ثم بين الله أهمية غض البصر و
أهميته في كبح جماح الشهوة و حفظ الفروج للرجال و النساء {قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا
مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ
خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ } النور : 30
{وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ
مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ} النور: 31
و حث علي ستر المرأة لزينتها
حتى لا يفتن بها الرجال {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ
بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} النور : 31
و في مقابل كف النفس عن إشباع
الغريزة الجنسية بالحرام, شجع المولي تبارك و تعالي علي تيسير الزواج الحلال حتى لا
يحدث كبت نفسي قد يؤدي إلي انفجار غير محسوب فقال تعالي {وَأَنكِحُوا الْأَيَامَى مِنكُمْ
وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِن يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِمُ
اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ } النور : 32
و أمر بالعفاف في غير وجود الزواج
{وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمْ اللَّهُ مِن
فَضْلِهِ} النور : 33
و جاء الحبيب صلي الله عليه و
سلم بالدواء المعين علي الاستعفاف فقال صلي الله عليه و سلم عن علاج الشهوة بالصوم
(يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له
وجاء ) رواه البخاري و مسلم.
و لأن الاختلاط بين الرجال و النساء يؤجج نار الشهوة و يؤدي إلي ما لا
تحمد عقباه, فقد حرص شرعنا الحنيف علي منع الاختلاط بين الجنسين, قال تعالي {وَإذَا
سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ
لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ} الأحزاب : 53
فقد دلت هذه الآية على أن الأصل احتجاب النساء عن الرجال، وعدم الاختلاط
لاسيما في دور العلم, حرصا علي طهارة قلوب الرجال و النساء, و قال تعالي {وَقَرْنَ
فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْـجَاهِلِيَّةِ الأُولَى} الأحزاب : 33
فأمرهن بالقرار، ثم منعهن من
الخروج غير متحجبات، ومع قرارهن في البيوت منع رسول الله الله صلى الله عليه وسلم الرجال
الأجانب من الدخول عليهن فقال (إياكم والدخول على النساء، فلما قيل له: الحمو؟ قال:
الحمو الموت) متفق عليه .
وهذا يدل على أن الأمر بالقرار
ليس خاصاً بنساء النبي الله صلى الله عليه وسلم. بل و نهي الشرع عن خلو الرجل بالمرأة,
فقال صلي الله عليه و سلم (لا يخلون أحدكم بامرأة إلا مع ذي محرم) رواه البخاري و مسلم.
و لعل البعض يتهم الإسلام بأنه يحمل المرأة أكثر من الرجل في قضايا الزنا
و التحرش الجنسي بحجة أن المرأة هي التي دفعته بزينتها و تبرجها إلي فعل التحرش, فأقول
كلا و ألف كلا, لأن المرأة إن خالفت ربها بإظهار زينتها و تبرجها, فلا ينبغي أبدا للرجل
أن يطلق بصره فيصيب من هذه و تلك حتى تتمكن الشهوة من قلبه فتدفعه إما إلي الزنا أو
إلي التحرش الجنسي, و معلوم من القرآن أن الله عاقب الزانية و الزاني بنفس العقاب بالرغم
من أن الله قدم الزانية علي الزاني
{الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ
جَلْدَةٍ} النور : 2
فجعل الله عقوبة الاثنين واحدة,
و قدم ذكر الزانية ليلفت الانتباه إلي أن المرأة بزينتها و تبرجها و جمالها الذي جبلت
عليه أكثر إثارة و لفتا لانتباه الرجل, أكثر من تأثر المرأة بالرجل. و ساوي الله عقوبة
الزاني بالزانية لأنه خالف أمر الله له بغض البصر, حيث قدم الله الأمر بغض البصر للرجال
علي النساء لكون الرجل يفتن بالمرأة أكثر ما تفتن النساء بالرجال, فحمي الله النساء
من الرجال بغض البصر
{قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ}
النور : 30
و حمي الله الرجال من النساء
بغض البصر و إخفاء الزينة
{وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ
فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ
بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} النور : 31
فسبحان الله العليم بأحوال النفوس
و بما يصلحها
{وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ } فاطر : 14.
فلو كان الإغراء هو أساس وقوع الزنا فقط لخفف الله العقوبة علي الزاني
و لشدد العقوبة علي الزانية, و لكن لأن الإسلام تعامل مع هذه الحالات قبل ارتكاب الجريمة
من خلال تهذيب النفس لمقاومة الإغراء مهما كان حجمه, فإذا كانت النفس قد استجابت للتهذيب
الديني, فليس هناك إغراء يؤثر فيها. فالنفس قد تغري الفرد بالنظر إلي الكاسيات العاريات
إلا أن قوة الإرادة التي ربّتها الشريعة الإسلامية في نفس المؤمن تدفعه إلي غض البصر,
فإذا خالف و نظر كان مخالفا للشريعة قبل أن يؤثر فيه الإغراء, و لذا يتساوي مع الزانية
في العقوبة على الرغم من تقديم الزانية على الزاني في الترتيب اللفظي, الذي ربما أراد
منه القرآن حث المجتمع على ملاحظة دور الإغراء في ارتكاب مثل تلك المخالفات الشرعية
.
· نظرة المجتمع لهذه العلاقات
تعتبر العلاقات غير الشرعية غير مقبولة اجتماعيا ولا دينيا فى مجتمعنا
باعتبارها خارجة عن العادات والتقاليد وقيم الدين كما أنه لا يوجد رابط شرعي يؤيد هذه
العلاقة، فلماذا أصبحت العلاقات غير الشرعية علاقة طبيعية في هذا الزمن؟
بما أن المجتمعات الأخرى أصبحت بالنسبة لنا قريبة ولأننا نأخذ السيء ونقتدي
به ولأن كل شيء قبيح بالمجتمعات الغربية (محرم) بمجتمعاتنا وفق الشريعة أصبح هناك حب
التجربة وكسر الروتين وكسر كلمة (حرام) !
فالنظر إلى الأفلام التركية والعيش في أجوائهم وكأنها حقيقة الحياة، وهي
في الواقع قصص من وحي الخيال نسقت وألفت وأخذت منهم سنين لتنفيذها فقط لـتجلب لهم المال،
ونحن نستقبلها كـحقيقة ومن الضروري أن نخوض هذه التجربة!
لو بحثنا عن أبطال المسلسل لوجدنا أحدهم تحت اسم (منفصل)، والآخر (لا
يرغب الاقتران بفتاة) والأخرى (تعيش مستقلة) ولأن مجرد النظر إلى تلك يفرغ قلوبنا من
(الحياء) وتبقى الأحاديث عن تلك الحكايات وعن العشاق من الأحاديث الطبيعية ! ومن هنا
تنطلق جملة (أن العلاقات أصبحت علاقة طبيعية)
ومن جهتها أكدت السيدة فاسي أخصائية في علم النفس الاجتماعي أن السلوكيات
التي تكمن وراء الأسباب المباشرة وغير المباشرة للوقوع في العلاقات غير الشرعية قبل
الزواج عديدة، ومن أهم تلك الأسباب استخدام الأنترنت بشكل خاطئ والنظر إلى ما حرم الله
وبث الأفكار المنحرفة والضالة، بالإضافة إلى الجفاف العاطفي والحرمان من قبل الوالدين،
أو قلة الوازع الديني بحيث جعل الله أهون الناظرين إليه دون مبالاة هل هو حرام أم حلال،
العقاب الشديد عند الخطأ والإهمال الشديد، الضغوط النفسية حيث قد يعاني أحدهم من ضغوط
نفسية يرجع سببها للأسرة، فنجد الكثير من الأشخاص في المجتمع يسخرون من الشخص المفكك
أسريا إن كان لديهم علم مسبق بهذا، وهذا سبب قد يؤدي إلى انحرافات سلوكية بهدف الانتقام
من الواقع المؤلم، كذلك تعرضهم في الطفولة لمعاملة قاسية من قبل الآباء، كما نجد كثرة
وسائل الترفيه وصرف الأموال عليهم ببذخ مفرط، وأهم شيء الرفقة السيئة ومحاولة تقليدهم
تلك الرفقة بالبحث عن شي جديد لإبراز الشخصية
· ماذا نجني من تلك العلاقات ؟
تختلف ثمار العلاقات غير الشرعية لرواسب تلك العلاقات غير الشرعية لدى
الأنثى عن الذكر بطغيان العاطفة على العقل، فحينما تحب يصبح ذلك الرجل محور حياتها
كلها وفقده يعني خسارة الحياة بأكملها، وهذا يعني إذا تعلقت الأنثى مع ذكر بعلاقة عاطفية
غير ناضجة وليس بالمعلوم أتنتهي بزواج أم لا، ثم حدث الانفصال بسبب أن الذكر كان غير
جاد أو غير قادر على الإستمرار معها، نجم عندها معاناة نفسية كبيرة الأثر، تتراوح ما
بين الكآبة الشديدة إلى الحالات الذهانية والوسواس وما إلى ذلك من الآلام النفسية المبرحة
التي نصادفها في عياداتنا النفسية، والأهم من ذلك تأثر العلاقة مع الشريك الحقيقي الشرعي
في المستقبل، بسبب أن قلبها لا يزال في شراك العلاقة القديمة غير الشرعية
أما الذكر إذا كان غير مستعد ليدخل عش الزوجية الآمن، اضطربت حياته العملية
وتأثر إنتاجه الأكاديمي والعملي، لأنه في مرحلة التأسيس، مما نتج عنه حالة عجز وضعف
وما يليها من المثالب والمهالك المعروفة كاللجوء للمخدرات وغيرها من آفات الفراغ والعجز،
وكذلك تأثر علاقته مع شريكة المستقبل الشرعية
هذا وقد أثبتت الدراسات أن أكثر من 85 % من الزيجات التي تسبقها علاقات
عاطفية تنتهي بالفشل والطلاق، والنسبة المتبقية تكون عرضة للمشاكل والأزمات المتلاحقة،
وذلك لأن الشيطان الذي جمعهم على الغفلة والعصيان، هو الشيطان الذي سوف يغرس بينهم
الشكوك والظنون والعدوان !
فنسبة نجاح العلاقات غير الشرعية في جميع المجتمعات تعتبر نسبة قليلة
جداً كعلاقة زائفة عابرة للعب بمشاعر الآخرين وعواطفهم وإشباع الرغبات للتسلية وإضاعة
الوقت، أو علاقة حب، تملك وسيطرة على الطرف الآخر، أو علاقة جنسية للإشباع الجنسى والانحرافات
الجنسية أو علاقة ملء الفراغ العاطفي، أو للشعور بالإستقلالية والهروب من السلطة الأسرية
من هنا تأتي الآثار المدمرة لمن وقع في شباك تلك العلاقات والمتمثلة في خوف الفتاة
وتوترها المستمر من مسألة ترك الحبيب المزعوم لها، قد تقع الفتاة ضحية الابتزاز والتهديد والفضيحة
من قبل ذلك الذئب أو من الوارد أن يتعرضان لصدمة نفسية وانهيار عصبي بسبب ترك وبعد
الحبيب أو انكسار قلب الفتاة وهو من أشد الجرائم التي ترتكب ضد الأنثى البريئة، أو
من المحتمل أن يحدث انحراف ومن ثم ثمرتها المعروفة هي الحمل عند تطور العلاقة غير الشرعية
فهنا كارثة نفسية للجميع وضحيتها ربما طفل بريئ
· دور أولياء الأمور في حل هذه القضية
الواقع أن المسؤولية في هذا الوضع تقع على الأسرة، فلابد من غرس ثقافة
احترام الجنسين لبعضهما منذ الصغر وعدم تفضيل الذكور على الإناث أبداً وأن الحلال والحرام
والعار شامل للجنسين، كما أن الإسراع بتزويج الفتيات لمن يستحق وعدم الوقوف بطريقهن
وذلك بتخفيض المهور المبالغ فيها وتكاليف الزواج الباهظة، بالإضافة إلى حث الشباب على
الزواج وتبسيط الموضوع لهم
لذا يجب الأخذ بالاعتبار وجوب مراقبة الفتاة وتوعيتها مع إعطاء الثقة
التامة لمنعها من الجري وراء الأوهام التي يضعها صائدي الأحلام لها من أشباه الرجال
فمن الممكن أن تصبح الفتاة التي اختزنت الكثير من العواطف عبر مشاهدة
الأفلام والاستماع للأغاني صيداً سهلاً لمن يغرر بها ويستغل عاطفتها، ولذلك فلابد من
ترشيد العاطفة وتقوية الوازع الديني والعقل المنطقي لتصبح الوردة الجميلة محاطة بأشواكها
التي تحميها .
وقبل أن أختم أناديك أيها الشاب قائلاً لك .....
• احفظ فرجك
قال أبو إدريس الخولاني : أول
ما وصى الله به آدم عند إهباطه إلى الأرض: حفظ فرجه، وقال: لا تضعه إلا في حلال" جامع العلوم والحكم " (1/185).
فلا والله ما في العيش خير
ولا الدنيا إذا ذهب الحياء
يعيش المرء ما استحيا بخير
ويبقى العود ما بقي اللحاء
ومن أعظم ما يجب حفظه من نواهي الله - عز وجل - اللسان والفرج، وفي حديث
أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (من حفظ ما بين لحييه،
وما بين رجليه؛ دخل الجنة) خرجه الحاكم فى المستدرك
(8058)
فمن فوائد حفظ الفرج :
(1) الفلاح والفوز برضوان الله- عز وجل- في الدنيا والآخرة.
(2) من حفظ الفرج يكون قد حفظ النسل وطهارة الإنجاب.
(3) وبه ينشأ المجتمع النظيف النقي من الدنس وأدران الزنى.
(4) يحفظ القلوب من التعلق بالمحرمات.
(5) يحفظ المسلمين من أن يسري فيهم داء الزنى وما يتبعه من الأوبئة.
(6) يحفظ الصحة العامة من عاديات الأمراض الفتاكة التي تنتج عن انتشار
الزنى كالزهري والإيدز كما هو الآن في المجتمعات الغربية.
(7) يمنع المفاسد ويطهر الذمم ويؤلف القلوب.
(8) ينشر الأمن ويحفظ
الأعراض بين أفراد المجتمع.
(9) هو عفاف يمتاز به أصحاب الشرائع السماوية عن غيرهم من عباد الصنم
والدهريين والكفرة وغيرهم.
(10) في حفظ الفرج بالزواج فوائد عديدة ذكرها الإمام الغزالي منها التفرغ
للعلم والعمل، وترويح النفس وإيناسها، ومجاهدة النفس ورياضتها بالرعاية للأهل والولاية
عليهم .
(11) يزيد في الحسنات ويرفع الدرجات.
(12) النية الصالحة فيه تحوله من عادة إلى عبادة.
·
مما سبق يجب أن نعلم جميعاً ما هى الشروط الواجب اتباعها عند التقاء الرجال
مع النساء :
1 ـ على المرأة أن تكون بالثياب الشرعية و الحشمة
الكاملة :
أيها الأخوة، لا شك
أن كيد الشيطان كيد ضعيف، وأن كيد النساء كيد كبير: ﴿ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ﴾ [ سورة يوسف الآية : 28]
لا يوجد شهوة متعلقة
مع الشيطان، تفسير الفرق بين الآيتين، ليس هناك شهوة متعلقة مع الشيطان، لكن هناك شهوة
متعلقة مع المرأة، لكن كحكم شرعي قد يلتقي الرجال مع النساء بالثياب الشرعية الكاملة،
والحشمة الكاملة، والكلام الجدي، لا يوجد تكسر، ولا تميع، ولا شيء من هذا القبيل، ولأمر
ضروري.
2 ـ عدم توسع المرأة في الخروج من بيتها:
الشيء الثاني: عدم
توسع المرأة في الخروج من بيتها:
﴿ وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ ﴾ [ سورة الأحزاب الآية : 33 ]
أي ليكن البيت هو
المكان الأول في إقامتها، وإذا خرجتن:
﴿ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ
الْأُولَى ﴾[ سورة الأحزاب الآية : 33 ]
أما الرجال:
﴿ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ
وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ
﴾ [ سورة النور الآية : 30]
3 ـ التزام المرأة بالحجاب الشرعي:
ثم التزام المرأة
بالحجاب الشرعي، والثياب المحتشمة، بمعنى أن أي ثياب تبرز خطوط جسم المرأة فهي ثياب
غير شرعية، أي ثياب تبرز لون البشرة فهي ثياب غير شرعية، أي ثوب المرأة ينبغي ألا يكون
شافاً، ولا شفافاً، ولا ضيقاً، ثوب سابل، سميك.
4 ـ الالتزام بآداب الإسلام في الكلام الجاد :
شيء آخر الالتزام
بآداب الإسلام في الكلام الجاد:
﴿ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا ﴾ [ سورة الأحزاب الآية : 32 ]
أما أثناء البيع والشراء
راعينا، نحن جيرانك، قلبك قاس علينا:
﴿ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي
فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا ﴾
[ سورة الأحزاب الآية : 32 ]
هذا مهمة الأزواج،
فإذا اشترت المرأة حاجةً ينبغي أن تقول قولاً معروفاً لا يسبب أي طمع فيها، من هذه
الآداب، تجنب الزينة، الزي الشرعي، غض البصر، وألا يكون هناك اختلاط بين الشباب والشابات
في أي مكان في حياتهم.
· اقتراحات لعلاج
المشكلة الجنسية
الذي نراه ويقره كل مفكر ونبيل أن مشكلة الجنس واختلال نظامها لا يمكن معالجته
إلا من حيث أتى الخلل إلى نفوس أبناء هذا المجتمع النقي الذي ينبغي أن يتمثل بأسمى
مبادئ الأخلاق والنزاهة ويتحلى بأبهى حلي الفضيلة والآداب فلابد من رجوع إلى المكارم
وعودة إلى مفرق الطريق لنسلك السبيل الموصل للعزة والكرامة. السبيل الذي سلكه أمجاد
هذه الأمة وسادتها ومفكروها، وسد لمنفذ الشر والفساد.
فالذي أراه لحلها مراعاة ما يلي:
1-أن أنجع دواء وأنفع علاج للقضاء على الميول الجنسي اللاشرعي هو الالتزام بآداب
القرآن الكريم ومبادئ الإسلام الحنيف. وعلى رأس ذلك مخافة الله تعالى وخشية عقابه وانتقامه.
والاعتزاز بالعادات الإنسانية.. عادات الرجولة والشرف.
والتذكر أن الجزاء من جنس العمل – من يزني يزن به ولو بجداره... وليتذكر الجاني
عدم رضاه لو وقع الفعل على إحدى محارمه.
فلا صارف للمرء عن ارتكاب الجريمة كاستحضاره لمراقبة المولى العليم الذي يعلم
خائنة الأعين وما تخفي الصدور. لاسيما إذا وضع نصب عينه
{إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا} المجادلة : 7
وإذا خلوت الدهر يوماً فلا تقل ... خلوت وقل عليّ رقيب
2- الزواج المبكر: إذا جاوز الشاب مرحلة المراهقة ودخل سن الرجولية (البلوغ)
ابتدأت نفسه تراوده وتطلب منه الوقوع في هوة الفساد وتستدعيه إلى مواضع الهلاك وأشدها
مراودة إذا بلغ ما بين 18-25 سنة وبهذه المرحلة من عمره يفضل أن يسارع لاختيار شريكة
لحياته يتحصن بها عن ارتكاب موبقة تخل بدينه وشرفه إن توفرت لديه الإمكانيات اللازمة
هذا بالنسبة للرجل أما المرأة فالأولى المسارعة في تعجيل زواجها منذ بلوغها مبلغ النساء
لأن خطرها أشد من الرجل.
وهذا الأمر يتطلب حل مشكلة اجتماعية – في زماننا هذا – يمكننا أن نعدها في مقدمة
أسباب تأخر زواج الشابات والشباب إلا وهي المبالغة في مبالغ المهور وفرض طلبات كثيرة
على الراغبين في الزواج بحيث يعجز الرجل القيام بها ولاشك أنه مانع رئيسي من موانع
الزواج لذلك حث الإسلام على تقليل المهور.
فقد روى أبو داود عن أبي العجفاء السلمي قال: (خطبنا عمر بن الخطاب رضي الله
عنه فقال: ألا لا تغالوا بصدق النساء فإنها لو كانت مكرمة في الدنيا أو تقوى عندالله
كان أولاكم بها النبي صلى الله عليه وسلم. ما أصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة
من نسائه ولا أصدقت امرأة من بناته أكثر من اثنتي عشرة أوقية) ويا حبذا لو شجعت الدولة
الشباب على الإقدام على الزواج بالمساهمة المالية لإسعافهم ومد يد المساعدة في زواجهم
وعلى الأقل لو قامت بتسليفهم مبالغ المهور خالية من أعباء الأرباح الربوية على أن تستردها
منهم بعد مدة طويلة من الزمن وبدون التقيد بمبلغ راتب المستلف أو اشتراطه كونه موظفا.
3- وعند تعذر ذلك فما على الشباب إلا أن يستعين بالصبر وضبط النفس بالسيطرة
التامة على هيجانها ليثبت جدارته في تحمل المشاق والمتاعب متمثلا بقوله تعالى: {وَلْيَسْتَعْفِفِ
الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمْ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ}. (سورة النور : 33 )
ومما يساعد على ذلك صحبة الأخيار والصالحين ومجالستهم والابتعاد عن أهل الفساد
والرذيلة لأن صحبتهم سبب لتقوية الحواجز الداخلية وهي مخالفة الله تعالى والخوف من
غضبه والإيمان بدار العقاب والجزاء.
4- بالإمكان مقاومة طغيان هذه الشهوة بكسرها بالصوم كما يروي البخارى و مسلم
عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج
فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء). رواه البخاري (5066) ومسلم (1400) عن ابن مسعود
ويقوم مقام الصوم التقليل من تناول الأطعمة المهيجة والمثيرة.
ومما يساعد على مقاومة الثورة الجنسية ممارسة الألعاب الرياضية. والاشتغال بالكسب
والعمل أو بالبحث والعلم لأن ذلك يقاوم قوته من ناحية ويضيق عليه أوقات التفكير والتخيل
من ناحية أخرى فإن الراحة والخمول لهما الأثر البالغ في إثارة الشهوة.
5- ومن أهم ما تعالج به: القضاء على الوسائل المثيرة والمهيجة للشهوة الجنسية.
ويتحقق ذلك عن طريق منع التبرج، والخلاعة والاختلاط، والحفلات الساهرة، ومنع رواج الصور
العارية والحد من تصرف الشباب والشابات، والسيطرة في إبعاد الجحيم عن وقودها. ومنع
نشر الأفلام الماجنة في التلفزيون والسينمات. ومنع الصحف والمجلات الوافدة أو المحلية
التي تدعو إلى الحب والغرام والتي تحمل في طياتها الدعوة إلى الفجور. ومنع إذاعة أو
سماع الشباب أغاني الغزل والغرام.
شريطة ألا يكتفي بذلك بكتابة المقالات أو القرارات والأنظمة لمنعه بل لابد من
أن تتولى السلطة متابعة ذلك بجد وحزم وتوقع العقوبات المادية بحق المخالفين ولا يمكن
ذلك إلا أن تجعلها في مقدمة شؤونها بحيث تعتبر ذلك من الأمور التي يؤدي الأمر في إهمالها
إلى تسيب في الأمن والاستقرار. ولا تقل شأنا عن الحوادث التي تهدد سلامة الدولة ونظام
الحكم.
ونتيجة لتحسس ضمير الغرب في مخاطر الزنى (أصدرت الهيئة البريطانية) تقريرا خطيرا
اهتزت له بريطانيا كلها. كما أشرنا إليه من ذي قبل. وقد ختمت اللجنة تقريرها برأي مناسب
لحل هذه المشكلة فقالت:-
والحل الذي نراه هو "إحداث تغيير جذري في المجتمع ذاته" وقد عدت الجمعية
شرب الخمر وأندية (الجاز) والحفلات الساهرة من بين العوامل التي قادت إلى الفوضى الجنسية
بين الشباب.
والجمعية تؤكد أنه لا حل غير (العفة) إذ أن (العفة) وحدها هي الضمان ضد الأمراض
التناسلية والحمل السفاحي – فإن ثلث الفتيات – اللاتي يتزوجن قبل العشرين يتزوجن وهن
(حاملات) كما تقترح اللجنة على الحكومة تكوين لجنة للنظر في أمر الأدب المكشوف لصلته
المباشرة بهذا الموضوع .
6- قيام السلطة بما يلي:
أولا- السعي لتطهير الشباب وتنظيفهم من الأوصاف الدنيئة والبطالة وذلك لا يتم
إلا بإحداث جو مليء بالثقافة، والعمل وإشغال الشباب بالبحث والفكر والمعرفة. وتنقية
المجتمع من الكسل والبطالة والتسكع.
ثانيا: تقوم بتشريع نظام صارم يحقق الغاية من التشريعات الجنائية ومن الواضح
لكل منصف أن هذا لا يحقق إلا بتشريع مستمد من الشريعة الإسلامية.
أما قانون العقوبات فبالرغم من كون عقوبته لا تتجاوز السجن أو الغرامة المالية
– اللتين لا تكونان زاجرتين لدى أغلب الأفراد – فإنه لا يعالج جميع القضايا الجنسية
التي تحل الفساد في المجتمع كما علمت فيما سبق غير مرة.
وعلى كل حال نسأل الله السلامة .
دعاء الختام
اللهم اهدنا فيمن هديت، وعافنا فيمن عافيت، وتولنا فيمن توليت، وبارك
لنا فيما أعطيت، وقنا واصرف عنا شر ما قضيت، فإنك تقضي بالحق، ولا يقضى عليك، وإنه
لا يذل من واليت، ولا يعز من عاديت، تباركت ربنا وتعاليت، ولك الحمد على ما قضيت،
نستغفرك و نتوب إليك، اللهم اهدنا لصالح الأعمال لا يهدي لصالحها إلا أنت، اللهم
اهدنا لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت، اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة
أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا، وأصلح لنا آخرتنا التي إليها مردنا،
واجعل الحياة زاداً لنا من كل خير، واجعل الموت راحة لنا من كل شر، مولانا رب
العالمين، اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك، وبطاعتك عن معصيتك، وبفضلك عمن سواك،
اللهم بفضلك ورحمتك أعلِ كلمة الحق والدين، وانصر الإسلام، وأعز المسلمين، انصر
المسلمين في كل مكان، وفي شتى بقاع الأرض يا رب العالمين، اللهم أرنا قدرتك
بأعدائك يا أكرم الأكرمين .
والحمد لله رب العالمين .
الباحث
في سطور
*******************
* محمد بن عبد الله محمد شرف الدين الكراديسي
* مواليد قرية كراديس مركز ديرب نجم محافظة
الشرقية
* يعمل أخصائي
نشاط فني بوزارة الشباب والرياضة
وداعية وشاعر وباحث في السيرة النبوية الشريفة
.
* حصل على معهد قراءات في القرآن الكريم
* حصل على معهد إعداد دعاة من مدينة بنها
قليوبية
* يقوم
بإلقاء ندوات وخطب بوزارتي الشباب
والرياضة والأوقاف
* تم
استضافته في بعض القنوات الدينية والثقافية الفضائية وبعض البرامج الإذاعية .
* حقق كثيراً من المراكز الأولى في مسابقات عدة في
مجال الشعر .
* تم تكريمه من جانب بعض المؤسسات الدينية
والثقافية .
* له
مدونة " الشرف " عليها كتاباته ومؤلفاته على جوجل ، وكذلك قناة على
اليوتيوب عليها كل الفيديوهات الخاصة به .
صدر له :
* كتاب " قطوف دينية من هدى خير البرية
" بترخيص من مجمع البحوث الإسلامية بتاريخ 24/ 9/ 2005
* ديوان "
وقفات ورباعيات " - عامية - عن
دار مصر اليوم للطباعة والنشر والتوزيع بالقاهرة 2014 .
* ديوان " من الصحابة المقربين لسيد
المرسلين " - عامية
- عن دار مصر اليوم للطباعة والنشر والتوزيع 2014.
* ديوان
" مناجاة " - فصحى
- عن دار مصر اليوم للطباعة
والنشر والتوزيع بالقاهرة 2014.
* " من الحياة " –
مجموعة قصصية – عن دار مصر اليوم للطباعة والنشر والتوزيع بالقاهرة 2014
* كتاب رمضان شهر
العتق والغفران عن دار الأجيال المصرية بالشرقية لعام 2015
تحت الطبع :
·
رسالة الإسلام و الدفاع عن خير الأنـام.
·
الحيوانات المباركة في القرآن الكريم.
·
رحلة مع أسماء رب الأرض والسـماء.
·
أحكام الجنائـز بين الجـائز وغير الجائز.
·
رجــال ونســاء حـول خاتــم الأنبيــــاء.
·
1100 سـؤال وجواب في
كلام رب الأرباب.
·
الهجرة النبوية والدروس المستفادة منها .
·
معلومات منتقاة من الدين والحياة.
·
ديوان " آهات ورباعيات " عامية .
·
ديوان " رومانسيات
" عامية .
·
ديوان "
نبضات قلبي " عامية .
·
أنواع القلوب في الكتاب والسنة .
·
رحلتي إلى البلاد الطاهرة .
·
مسرحية حكاية شهيد .
·
مسرحية عودة الشيخ زيدان .
·
مسرحية لص رغم أنفه .
·
مسرحية علىٌ يناجى العلى .
·
مسرحية ثورتنا
محتويات البحث
• مقدمة البحث
• سؤال مهم ؟!
• الزواج سنة كونية عامة فى المخلوقات
• هل أنت حر فى عقلك وجسدك
• أخى الحبيب ... لا تقرب الزنا
• أنواع العلاقات المحرمة
• الجنس والعلاقات الجنسية فى ضوء الشريعة الإسلامية
• الأخلاق والجنس
• النظرية الجنسية فى الإسلام
• العلاقات غير الشرعية عبر الإنترنت حرام وتهدم
المجتمع
• الإعجاز التشريعى فى منع الإختلاط
• إعجاز التشريع الإسلامى فى محاربة الزنا والتحرش
الجنسى
• نظرة المجتمع لهذه العلاقات المحرمة
• ماذا نجنى من تلك العلاقات المحرمة ؟
• دور أولياء الأمور فى حل هذه القضية
• احفظ فرجك
• ما هى الشروط الواجب اتباعها عند التقاء الرجال
مع النساء
• اقتراحات لعلاج المشكلة الجنسية
• دعاء الختام
• الباحث فى سطور
• محتويات البحث
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق