صباح الخير يا أميرتى
جاءت الأميرة وهى ممتطية جوادها الأبيض ووقفت على باب بيته وقالت له :
رأيتك فى منامى بأنك فارس أحلامى وسأتحدى كل العالم لأعيش معك وبجوارك ، نظر إليها
الشاب الفقير مبتسماً قائلاً لها : سيدتى ما أنا إلا شاب فقير يكمل عشاءه نوماً
وأنتِ أميرتى وسيدتى فأين أنا منكِ ؟!
فقالت له : لا تبالى بذلك وقم وائتى معى إلى قصرى واترك هذا البيت المتهالك
المبنى بالطوب اللبن والمعروش بالجريد والملئ بالحشرات وستعيش معى فى قصرى فى رفاهية
وهناء ، وعلى الفور خرج معها الشاب الفقير وذهبا إلى قصر الأميرة ودخلا القصر دون
أن يراهما أحد ، وقامت بإحضار ملابس نظيفة جميلة له وأمرته بارتدائها ، فارتداها
وكان الشاب مع شدة فقره وسيماً جميلاً .
وفى الصباح أخبرت أباها بما رأته فى منامها فاعترض والدها على فكرتها أشد
الإعتراض ، وقال لها : كيف يتسنى لأميرة ابنة أمراء وملوك بأن تربط مصيرها بهذا
الشاب الفقير ، فقالت له : ياوالدى القلب وما يريد ، ودخلت به وعاشا حياة هنيئة
سعيدة .
وأصبح الشاب الفقير أميراً ، له كلمته ولكنه كان كل يوم فى الصباح ينزل من
قصره ليتفقد أحوال الفلاحين والفقراء البسطاء الذى لم ينسى يوماً أنه كان منهم
وكان دائم العطف عليهم محباً ومعطاءً لهم .
ولما علمت الأميرة بذلك غضبت غضباً شديداً وقالت له : لماذا تحاول الإقتراب
من هؤلاء الفقراء ؟! ، فأنت أمير زوج أميرة وما هم إلا خدم لنا يفعلون ما نأمرهم
به .
فقال لها : يا أميرتى الجميلة
فلتعلمى أنى منهم ولا أستطيع أن أبتعد عنهم ، فكانت نقطة خلاف بينهما .
وحاولت الأميرة أن تبعده عنهم بكل ما تستطيع من حيل وقوة ولكنه كان رافضاً
لذلك .
وعلم أباها بما حدث فقال لها : لقد سبق ونصحتك ولم تستجيبى لنصحى فانظرى ما
تفعلين معه .
وكان الشاب قادماً واستمع لحديثهما ، وإذا به يسمع الأميرة تقول لوالدها :
أعتقد أنى أخطأت فى اختيارى وسرت وراء نزواتى وشهواتى ولكن من السهل أن أصلح ما تم
اتلافه ، فحزن الشاب حزناً شديداً وذهب إلى حجرته لينام .
وفى
الصباح وجد من يوقظه بشدة وعنف ، فاستيقظ من نومه فزعاً مذعوراً وفى قرارة نفسه أن
الأميرة هى التى توقظه لتلقى به فى الشارع وليذهب إلى من يحبهم ويدافع عنهم من
الفقراء والمحتاجين ، ولكنه استيقظ وأخذ يفرك فى عينيه بيديه وهو لا يكاد يصدق ما
يراه ، فلقد وجد أن أمه هى التى توقظه ووجد نفسه فى حجرته المتواضعه وسريره
المتواضع وثيابه البالية المتهالكة ووجد أمه تقول له : استيقظ يابنى فلقد نشرت
الشمس أشعتها فغطت بقاع الأرض بأكملها فاستيقظ لتسعى على رزقك ومعاشك ، فنظر لأمه
مبتسماً قائلاً لها : صباح الخير يا أميرتى .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق